علم النفس التطبيقي

علم النفس الجنائي

علم النفس الحربي

علم النفس التطبيقي

علم النفس الجنائي

المورث الزائد:

هنالك نظرية تقول بأن ما يدعى بالمورث الزائد  Extra chromosome  وهو المورث الذي افترض بعض الباحثين بأنه المورث المسئول عن السلوك الإجرامي أو السلوك المرضي و قد بينت الأبحاث بأن نسبةً من المساجين في الولايات المتحدة و أستراليا و بريطانيا يمتلكون مثل هذا المورث الزائد.

و كما تعلمون فإن الشخص الطبيعي يمتلك  46  صبغياً في كل خلية , منها 22  زوج من الصبغيات الجسدية   autosom  أي 22  زوجاً  من الصبغيات غير الجنسية, كما يمتلك الشخص زوجاً من الصبغيات  المحددة للجنس  , و تكون هذه الصبغيات من النوع X عند الأنثى و تكون من النوع y  عند الذكر .

و عندما يتم تلقيح البويضة  فإن الخلية الملقحة تحصل على الصبغي الأنثوي   X  من الأم بينما تحصل إما على الصبغي الأنثوي X أو الصبغي الذكري Y  من الأب , فإذا حصلت الخلية الملقحة على  الصبغي الأنثوي X من الأب كان الجنين أنثى , أما إذا حصلت على الصبغي الذكري y من الأب  , كان الجنين  ذكراً .

و بعد أن تبدأ البويضة الملقحة  بالانقسام فمن الممكن أن يكون لدينا  صبغيٌ زائد  أنثوي X أو ذكري y  في أحد الطرفين   , وفي هذه الحالة يحوي كلٌ من صفي الصبغيات على أكثر من  23 صبغياً .

و في العام 1966  تم توصيف أحد أشكال الصبغيات الزائدة و قد دعيت هذه الحالة  XYY  في بريطانيا , وقد تميز الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة بقامة طويلة  و ذكاءٍ منخفض , كما تم اكتشاف هذه الحالة عند  الذكور الذين يعانون من التأخر العقلي , وفي إحدى الدراسات وجد بأن 7 حالة من بين  197 حالة من المرضى العقليين المجرمين كانوا يعانون من حالة المورث الزائد من النمط Xyy  , و بشكلٍ عام فإن الأشخاص الذين يعانون  من حالة مورثٍ زائد من النمط Xyy  يتميزون بمعدل ذكاءٍ متدني , ومن الممكن أن يعزى السلوك الإجرامي إلى معدل الذكاء المنخفض .

كان الطبيب الإيطالي   سيزار لامبروزو  S.Lambrozo  يؤكد على دور العوامل الوراثية و الجسدية  في  تشكيل الشخص المجرم  , وكان لا مبروزو يرى بأن المجرمين متأخرين من حيث نموهم و تطورهم النفسي عن الأشخاص الطبيعيين بينما كان نيتزل  Nietzel  يرى بأن العامل الحاسم في السلوك الإجرامي يرتبط بالظروف الموضوعية المحيطة بالفرد  أكثر مما يرتبط بالسمات الشخصية لذلك الفرد.

تدل العلاقة الموجبة  +1  على أن هنالك تناسباً طردياً بين المتغيرين  , أي أن كل زيادة في المتغير الأول  تستدعي زيادة المتغير الثاني .

أما  العلاقة السلبية  -1  فتدل على  أن هنالك تناسباً عكسياً بين متغيرين  , أي أن كل نقص في المتغير الأول يستدعي نقص المتغير الثاني.

تدل العلاقة الصفرية  أو ما يدعى بالعلاقة غير الدالة إلى انعدام  التلازم  بين المتغيرين سواءً أكان تلازماً إيجابياً  ( زيادة) أو تلازماً سلبياً (نقص) .

يدعى الرقم الذي يمثل العلاقة بين متغيرين  بمعامل الارتباط , و كلما اقترب معامل الارتباط من الصفر دل ذلك على ضعف العلاقة بين المتغيرين و العكس صحيح.

المجرم المحترف :

يتميز المجرم المحترف بأنه يعتمد في أعماله الإجرامية على التفكير و المهارة أكثر مما يعتمد على العنف .

الجرائم الانفعالية : وهي الجرائم التي يرتكبها الشخص عندما يكون واقعاً تحت انفعالاتٍ معينة كجرائم  الشرف التي يرتكبها الزوج عندما يفاجئ زوجته الخائنة مع عشيقها , و الجرائم التي يرتكبها أشخاصٌ بعد تعرضهم للإهانة و الاحتقار و الاستفزاز من قبل أشخاص آخرين , و يقول علماء النفس بأن هنالك أشخاص يمتلكون ميولاً انتحارية و لكنهم يرغبون بالموت على أيدي أشخاص آخرين و هؤلاء يستفزون الآخرين و يحقرونهم بشتى الوسائل  على امل أن يقوموا بقتلهم , فإذا رأى أحد هؤلاء شخصاً يحمل سلاحاً فإنه يقول له بأن هذا السلاح لا يجوز أن يحمله إلا الرجال و لا يجرؤ إلا الرجال على استخدامه  و من هذه الأقوال الاستفزازية التي يرمي من ورائها إلى دفع ذلك الشخص إلى استخدام ذلك السلاح في لحظة انفعالية ضده.

يكون احتمال اٌيقاع بالمجرمين الانفعاليين الذين يرتكبون جرائمهم في لحظة انفعال أكبر بكثير من احتمال الإيقاع بالمجرمين المحترفين ذلك أن المجرم المحترف هو مجرمٌ عقلاني يعتمد الأساليب العلمية في التخطيط لجرائمه و تنفيذها و هو لا يقدم على القيام بأي عملٍ إجرامي في لحظة طيشٍ أو انفعال وذلك بخلاف المجرم الانفعالي الذي  يجد نفسه فجأة متلبساً بجريمة لم يقم بالتخطيط لها .

تصنيف لندسميث  Lundsmith   و دنهام Dunham :

صنف لندسميث و دنهام المجرمين إلى نوعين :

المجرم الاجتماعي Social criminal  و المجرم الفردي Individual criminal .

المجرم الاجتماعي هو المجرم الذي يرتكب جريمته بمؤازرة الجماعة التي ينتمي إليها , بمعنى أن هذا المجرم يشكل نموذجاً  يمثل بقية أفراد الجماعة التي ينتمي إليها.

المجرم الفردي : هو المجرم الذي يرتكب جرائمه دون أن يتلقى أي مؤازرة من الجماعة التي ينتمي إليها , أي أن هذا المجرم يشكل حالةً شاذة عن الجماعة التي ينتمي إليها.

الأحداث الجانحين :

صنف هيويث Hewith  و جينكينز Jenkins  الأحداث الجانحين إلى عدة أنماط وهي:

الجانح الاجتماعي – جانح العصبة :

هذا النوع من الأحداث لا يقوم بنشاطاته الإجرامية ضمن عصبة ينتمي إليها و هو مستعدٌ للقيام بكل ما يمليه عليه انتماؤه لتلك العصبة القيام به لأنه لا يتخيل  الانفصال عن تلك العصبة الجانحة و أهم شيءٍ في حياة هذا الحدث أن ترضى عنه العصبة التي ينتمي إليها و أن يشعر دائماً بأنه ينتمي لتلك العصبة  و أن تلك العصبة تتقبله و تنتمي إليه , ومن المهم بالنسبة لهذا الحدث الجانح أن يقلد بقية أفراد تلك العصبة ليس فقط في التصرفات الإجرامية و إنما كذلك في طريقة الكلام و اللباس و التصرفات – إن هذا الحدث الجانح رضي عن طيب خاطر بأن يتخلى عن عقله و شخصيته و كيانه ليصبح عبداً مطيعاً لتلك العصبة , و هذا الجانح يرفض قيم المجتمع بالقدر ذاته الذي يطيع فيه بشكلٍ  عبوديٍ أعمى قوانين عصبته .

خطرت لي هنا تسمية  ” عصبة الأمم ” بهذا الاسم ولا شك في أنها بالفعل تسمية بليغة .

الجانح المنفرد :

بخلاف الجانح الاجتماعي فإن الجانح المنفرد يتميز بالعزلة و عدم الشعور بالانتماء و عدم الثقة بأحد و  شعوره بالضيق عندما يكون مع آخرين و لذلك فإنه يقوم بأعماله الإجرامية منفرداً و يتميز الجانح المنفرد بالعزلة و الخجل و الانسحاب من الحياة الاجتماعية.

وقد أضاف واتنبرج أشكالاً أخرى من الأحداث الجانحين وهي :

الجانح العرضي  : وهو الحدث الذي اشتهر بسمعة  طيبة و لكنه يأتي بسلوكٍ منحرف غير متوقع بدافع تقليد الآخرين أو نتيجة تحدي الآخرين له أو استفزازهم له.

الجانح العصابي : و هو الجانح الذي يعاني نت صراعات نفسية تؤدي في النهاية إلى قيامه بسلوكٍ منحرف , أي أن سلوكه المنحرف يشكل تعبيراً عن صراعاته النفسية.

الشخصية المعادية للمجتمع :

الطبيب الفرنسي  بينيل Pinel  كان يرى بأنه لا يمكن إدراج الشخصية المعادية للمجتمع تحت أي نوعٍ من أنواع الاضطرابات العقلية المعروفة , وقد وصف بينيل حالة الشخص المعادي للمجتمع بأنها حالة  اختلالٍ عقلي بلا تشويش Madness without confusion  حيث يتمتع المصاب بهذه الحالة بقدراتٍ عقلية اعتيادية غير أن سلوك ذلك الشخص  يماثل سلوك المختلين عقلياً .

إن الشخصية المعادية للمجتمع ينطبق عليها المثل العامي ” أسمع كلامك أصدقك أشوف عمايلك أستغرب”.

إن الشخص المعادي للمجتمع ليس شخصاً ذهانياً   مصاباً بالذهان Psychosis  و ليس شخصاً عصابياً مصاباً بالعصاب neurosis  .

وقد تحدث   طبيب الأمراض العقلية الإنكليزي  بريتشارد Pritchard عن وجود الكثير من المختلين الذين لا تنطبق عليهم التوصيفات المرضية المعروفة في عالم الأمراض النفسية و العقلية , وقد أطلق بريتشارد على هذه الحالة تسمية  الجنون الأخلاقي  Moral insanity  و قد اتفق لاحقاً على تسمية هذه الحالة بحالة التردي أو  الانحطاط السيكوباتي  Psychopathic inferiority   أو حالة الاعتلال النفسي الانحطاطي  ,  و يبدو المصاب بهذه الحالة بأنه سليم من الناحية العقلية غير أن الاختلال يظهر عليه من النواحي الأخلاقية و السلوكية ,

وفي العام 1891  استخدم   كوش  Koch  مصطلح التردي السيكوباتي  لتوصيف المرضى الذين تظهر عليهم  الأعراض التي تحدث عنها بريتشارد .

وقد درج الأطباء النفسيين منذ ذلك التاريخ توصيف كل حالة مرضية لا تنطبق عليها التوصيفات المرضية المعروفة بأنها حالة  تردي سيكوباتي Psychopathic inferiority .

كما درج علماء النفس على تسمية  حالة  التردي الأخلاقي  بسلة المهملات لأن كل حالة لا تنطبق عليها التوصيفات الذهانية و العصابية المعروفة كانت ترمى في سلة المهملات تلك ليصار إلى توصيفها بأنها حالةٌ من حالات  الانحطاط و التردي  السيكوباتي.

  Psychosis الذهان  :   مصطلحٌ يستخدمه علم النفس psychiatric term  لتوصيف الحالة العقلية للشخص عندما يختل تفكيره المنطقي , حيث يعاني المصاب بالذهان من الهلاوس hallucinations  و الضلالات delusions    مثل الضلالات  الزورانية  ( الضلالات البارانويدية ) paranoid delusions  , وبذلك فإن مريض الذهان لا يتمكن عادةً من مزاولة حياته الاعتيادية بشكلٍ طبيعي لأنه باختصار شخصٌ يعيش في الضلالات و الأوهام و يفتقد الاحساس بالواقع  loss of contact with reality و يتبدى ذلك من خلال سلوكه و طريقته في الكلام.

العصاب Neurosis  :

مصطلح العصاب neurosis هو مصطلحٌ نفسي صاغه الطبيب الاسكتلندي وليم كولن William Cullen  في العام 1769  و يشير هذا المصطلح إلى ” اضطراب الاحساس و الحركة” “disorders of sense and motion”   الناجم عن اعتلال الجهاز العصبي  nervous system .

و اليوم يشير مصطلح  العصاب النفسي psychoneurosis  أو الاضطراب العصابي neurotic disorder  إلى أي اضطرابٍ عقلي .

الاختلاف بين  الذهان و العصاب يتمثل في أن الذهان كما رأينا سابقاً يفقد المريض القدرة  التفكير العقلاني المنطقي  لأن مريض الذهان يكون واقعاً تحت تأثير هلاوس و ضلالات  بينما مريض العصاب يبقى محتفظاً بتفكيره العقلاني المنطقي .

إن الشخص المرتد أخلاقياً لا يستفيد من الخبرة السابقة ولا يردعه العقاب و لا يشعر بالولاء و الانتماء لأي جماعة و لا يؤمن بأي قيم و يتميز بانعدام المسئولية , وهؤلاء هم من تبحث  عنهم أجهزة الاستخبارات الأجنبية ليكونوا أذرعاً لها في العالم الثالث .

يشير مصطلح  الشخصية المضادة للمجتمع إلى الأشخاص غير المتطبعين و غير المندمجين مع مجتمعاتهم unsocialized  و هؤلاء الأشخاص قد يمثلون الانتماء إلى جماعات و قيم معينة , ولكنهم عاجزون في الحقيقة عن الانتماء لأية مجموعة أو قيمة أو مبدأ و هؤلاء الأشخاص  عدائيون عديمي المسئولية عديمي الحس  و فاقدين للشعور بالذنب , وهذه الصفات تمكنهم من القيام بأي فعل مهما كان خسيساً لأنهم أشد خسة من أي فعلٍ خسيس يمكن أن يأتوا به.

الشخصية غير الناضجة immature personality :

تظهر هذه الحالة على مخطط كهربية الدماغ electroencephalogram  EEG   على شكل بطئٍ في موجتي ثيتا  Theta  و دلتا Delta  و بخاصة في المناطق القفوية nuchal و الصدغية temporalis من الدماغ و نجد هذه الحالة عند المجرمين و الأطفال الذين يعانون من اضطرابات سلوكية حادة.

تشير بعض الأبحاث الوراثية إلى وجود صلة ما بين الشخصية المعادية للمجتمع و بين الخلل الجيني  XYY  وهو الخلل الذي نجده في 13  مولوداً من بين كل عشرة آلاف حالة إلا أن العلاقة ما بين  هذا الخلل الجيني و بين السلوك الإجرامي لم تثبت بشكلٍ قطعي.

أحياناً تلاحظ  موجات دلتا Delta البطيئة ( ترددها أقل من 8 هرتز في الثانية) لدى الأطفال الذين يعانون من اضطراباتٍ سلوكية حادة , كما تلاحظ هذه الموجات عند المجرمين .

يرى هير Hare بأن نشاط موجات دلتا البطيئة التي تلاحظ في المناطق القفوية و الصدغية التي يظهرها مخطط كهربية الدماغ عند السيكوباتيين  تعكس فشلاً في عمل بعض الآليات الحوفية limbic  الكافة ,  وهو الأمر الذي يؤدي إلى فشل الشخص السيكوباتي في الامتناع عن السلوك الإجرامي الشائن.

غير أنه لا يمكن الاعتماد بشكل نهائي على تخطيط الدماغ في هذه الحالات لأن نتائج التخطيط قد تكون  أحياناً طبيعية لدى المرضى و قد لا تكون طبيعية عند الأسوياء .

لقد بينت الدراسات التي اجريت على السيكوباتيين كذلك بأنهم يتميزون  بانعدام الشعور بالذنب و انعدام القلق  وهي الأمور التي تجعلهم دائماً مستعدين لتكرير أفعالهم الإجرامية و أفعالهم  الشائنة المرة بعد المرة .

إن بلادة حس السيكوباتيين و إحساسهم الدائم ببلادة حياتهم يجعلهم في حالة بحثٍ دائمة عن شيء يحرك جمود حياتهم و هذا الشيء الذي يبحثون عنه غالباً ما يكون نشاطاً إجرامياً شائناً.

وضع كليكلي Cleckly  سمات الشخص السيكوباتي المعادي للمجتمع و من صفات ذلك الشخص :

التفلت و الانحلال الأخلاقي و الجنسي.

الكذب .

عدم الثبات (شخصية راقصة ) .

انعدام الضمير و انعدام الشعور بالذنب.

انعدام الحياء.

النرجسية .

غياب القلق العصابي  و المظاهر العصابية الأخرى .

غياب المظاهر الذهانية مثل الانفصال عن الواقع و الانغماس في الهلاوس و الهذاءات , ذلك أن الشخصية المعادية للمجتمع شخصية واقعية , بل إنها واقعية أكثر من اللازم.

انعدام العلاقة بين ما يقوله أصحاب هذه الشخصية و بين ما يشعرون به و ما يفكرون به بشكلٍ حقيقي و هذا ما دعاه  كليكلي  بالعته الدلالي  Semantic dementia  أو  خرف دلالة الرموز و هذه الحالة قد أصبحت حالةً عامة في عالم السياسة و الإعلام .

العته الدلالي أو خرف دلالة الرموز Semantic dementia  (SD):

هو اضطرابٌ تنكسي عصبي neurodegenerative  يتسم المصاب به بطلاقة اللسان و الثرثرة بكلامٍ خالي من المعنى و يعتبر الاضطراب التنكسي العصبي إحدى المتلازمات الثلاث المرتبطة  بتنكس الفص الجبهي الصدغي frontotemporal lobar .

غياب القلق العصابي  و المظاهر العصابية الأخرى و

غياب المظاهر الذهانية مثل الانفصال عن الواقع و الانغماس في الهلاوس و الهذاءات , ذلك أن الشخصية المعادية للمجتمع شخصية واقعية , بل إنها واقعية أكثر من اللازم تعنيان بأن المصاب بهذه الحالة لا يعاني من العصاب مع ما يرافقه من قلقٍ عصابي , كما أنه لا يعاني من الذهان و ما يرافقه من هلاوس و ضلالات و انعدامٍ للتفكير المنطقي.

وصف  ماكورد  McCord  الشخصية السيكوباتية المعادية للمجتمع في العام 1964  على أنها شخصية  عدوانية عديمة الحياء و الخجل و تفتقد الشعور بالذنب .

كما يتسم الشخص السيكوباتي بضميرٍ مختل Defective superego أو اختلال الأنا الأعلى  إنه يكذب و يسرق و يقطع عهوداً لا يفي بها دون أدنى شعورٍ بالخجل أو تأنيب الضمير.

و الأهم من كل ذلك أن الشخص السيكوباتي لا يرى نفسه كما يراه الأخرين , أحياناً ينتمي أحدهم إلى عائلة سيئة السمعة ومع ذلك تراه مزهواً بعائلته و مفاخراً بها  و كأنه غير عالم بنظرة الازدراء التي ينظر بها المجتمع إلى تلك العائلة.

من الصفات التي تميز الشخص السيكوباتي المعادي للمجتمع عجزه عن محبة الآخرين و الإخلاص لهم  , إنه يعيش حياةً اجتماعية طبيعية فلديه أصدقاء و معارف يعرف كيف يستغلهم و يستفيد منهم و يعرف كيف يلعب معهم دور الصديق المخلص , و لكنهم في الحقيقة لا يعنون له في الحقيقة أي شيء باستثناء أنهم طريقة تمكنه من الوصول إلى ما يريده , وفي الحقيقة فإن هذا الشخص مستعدٌ لخيانتهم و بيعهم عند أول فرصة , وهؤلاء الأصدقاء الذين ينافق لهم و يظهر تعاطفه معهم و يذرف دموعه التمساحية على مآسيهم و يظهر سعادته البريئة بأفراحهم , فإنه في الحقيقة يلعنهم في قرارة نفسه  لأنه مضطرٌ لتمثيل دور الصديق و المحب المنتمي نحو أشخاص لا يعنون له في الحقيقة شيئاً.

استخدمت في الماضي  الاختبارات الاسقاطية  projective test  لكشف الشخصيات السيكوباتية المعادية للمجتمع حيث يظهر الشخص السيكوباتي كشخصٍ متفلت قليل الحياء أناني و عدائي و عديم الشعور بالذنب و عديم الحس إلى درجة البلادة و عديم الإحساس بالقلق , كما أنه يعاني أو لنقل بأن الأشخاص المحيطين به يعانون من إصابته بالعته الأخلاقي  moral imbecility.

التمييز بين الشخصية السيكوباتية و بين المريض المصاب بالعصاب neurosis:

يعاني مريض العصاب من  القلق و الشعور بالذنب و كثيراً ما يميل لمعاقبة نفسه نتيجة شعوره بالذنب , بينما الشخص السيكوباتي المعادي للمجتمع فإنه على نقيض ذلك تماماً  فهو لا يشعر أبداً بالقلق , كما أنه معدوم الضمير ولا يشعر أبداً بالذنب مهما فعل من موبقات و جرائم  و بالتالي فإنه لا يفكر أبداً في معاقبة نفسه.

إن صراعات الشخص العصابي هي صراعاتٌ داخلية يعيشها مع نفسه , بينما الشخص السيكوباتي المعادي للمجتمع فإنه يكون منشغلاً بعداوته للآخرين و الصراع معهم و خصوصاً أنه يعتبر جميع الناس أعداء مستباحين , حتى أولئك الذين لطالما أحسنوا إليه و مدوا له يد العون .

إدراك الزمن :

من الملاحظ بأن الشهود في القضايا القانونية غالباً ما يبالغون في تقدير الفترة الزمنية التي استغرقتها الجريمة و عليه فلا يجب أن تطعن في شهادة الشاهد إذا بالغ في تقدير زمن الجريمة لأنه الشاهد أو المجني عليه يشعر فعلياً بأن الجريمة التي رآها أو التي وقعت عليه قد استغرقت مدةً طويلةً من الزمن و ذلك بسبب بشاعة التجربة .

الجريمة كتجربة فريدة :

حتى تنطبع التجربة أو المعلومة بشكلٍ جيدٍ في الدماغ فإن الأمر يستدعي تكرار تلك المعلومة أي تكرار رؤيتها أو تكرار سماعها , وهو الأمر الذي لا يكون ميسراً في حال الجريمة , هذا من جهة و من جهةٍ أخرى فإن الشاهد أو المجني عليه عندما تقع الجريمة غالباً ما يكون في حالة ذهولٍ تمنعه من التركيز على مجريات الجريمة و خصوصاً أن الجريمة تقع بشكلٍ مفاجئ و غير متوقع , كما أن المجرم غالباً ما يتخذ الاحتياطات التي تحول دون اكتشاف شخصيته.

يركز كل شاهد على الأشياء الأكثر أهمية من وجهة نظره , و غالباً ما يركز الأشخاص أثناء تعرفهم على الوجود على الجزء العلوي من الوجه أي الشعر و العينين و الأنف أكثر مما يركزون على الجزء السفلي من الوجه .

هنالك أشخاص تافهون يتذكرون الأشياء السخيفة و لكنهم ينسون الأحداث العظيمة و هنالك أشخاص يتذكرون الأحداث العظيمة و الهامة و لكنهم ينسون الأحداث الصغيرة التافهة , و هنالك خطأٌ يقع في القضاة عندما يتصورون بأن من يتذكر الأشياء التافهة بدقة مذهلة لا تغيب عنه الأحداث العظيمة , وهذا خطأٌ كبيرٌٍ جداً , فكثيرٌ من التافهون ممن يتذكرون أدق التفاصيل يعجزون عن تذكر الأحداث العظيمة لأنها و ببساطة شديدة لا تعني لهم شيئاً .

يقوم المحامون دائماً بتوجيه أسئلة مربكة للشاهد و يحاولون بأسئلتهم تلك زعزعة ثقة الشاهد بنفسه و زعزعة ثقة المحكمة بشهادته و ذلك بالتركيز مثلاً على تسلسل وقوع  الأحداث أو التدقيق على أية تفاصيل تجعل الشاهد يتراجع أو يغير أقواله السابقة و التكتيك الذي يتبعه المحامون دائماً يتمثل في الطعن في بعض التفاصيل الصغيرة الغير هامة في أقول الشاهد بهدف الطعن في شهادة الشاهد ككل و إظهارها بأنها شهادةٌُ متناقضة .

العلاج بالصدمات الكهربائية electrical shock:

الهدف من الصدمات الكهربائية يتمثل في تنظيم إيقاع الدماغ و تعتبر الصدمات الكهربائية من أنجح وسائل علاج السوداوية و الاكتئاب الشديد المرافق للفصام حيث يمكن أن تصل نسبة نجاح هذا العلاج إلى 90% .

و تستخدم الصدمات الكهربائية في علاج  حالات الهستيريا التحولية conversion hysteria  كالعمى الهستيري و الشلل الهستيري و ما شابه ذلك .

كما تستخدم الصدمات الكهربائية في العلاج السلوكي الذي يعرف  بالتشريط التكريهي  aversive condetioning  و عند استخدام هذه الطريقة في العلاج يتم عرض المؤثر المثير للمريض و بصحب ذلك الأمر تمرير صدمة كهربائية  فعند علاج الرجال المثليين على سبيل المثال تعرض عليهم صور رجال مصحوبة بصدماتٍ كهربائية إلى أن يحدث ارتباطٌ شرطيٌ في أذهانهم ما بين صور الرجال و بين التعرض للصدمات الكهربائية وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي لكراهيتهم لصور الرجال .

المتغير المستقل  Independent variable :

وهو العامل المتغير الذي نريد معرفة تأثيره  على متغيرٍ آخر وهو  ” المتغير التابع”  Dependent variable .

” المتغير التابع”  Dependent variable : و هو المتغير الذي يراد دراسة  تأثره بالمتغير المستقل.

  المتغيرات الدخيلة  Extraneous variables  :

المتغيرات الدخيلة هي متغيراتٌ غير المتغير المستقل  يمكن لها أن تؤثر على سلوك الفرد  موضوع الدراسة .

  Differential opportunity الفرصة الفرقية :

قام كلٌ من كلوارد  Cloward و أوهلن  Ohlin  بصياغة نظرية  الفرصة الفرقية في العام 1960 , و قد رأى هذين الباحثين بأن ظروفاً موضوعية تحول بين أبناء الطبقة الفقيرة و بين تحقيق  طموحاتهم بالطرق المشروعة ( من تلك الظروف الموضوعية انعدام النزاهة و الشفافية في تصحيح الأوراق الامتحانية في الامتحانات العامة و الجامعات ) وهو الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى الإحباط , وهذا الإحباط يشكل أحد العوامل الممهدة لارتكاب الجريمة و السلوك غير الشريف.

غير أن هذه النظرية لا تفسر الجريمة التي يقدم الأثرياء على القيام بها .

أثر التفكك الاجتماعي  في حدوث الجريمة  Social disorganization:

رأى شو  Show بأن مناطق التفكك الاجتماعي تمثل بؤراً للجريمة فالمجتمع المفكك يتميز بضعف رقابته على أعضاءه و ضعف مقدرته على مكافئة المحسنين و معاقبة من لا يلتزمون بالمعايير الاجتماعية , ولذلك ينتشر في المجتمعات المفككة الطلاق و البغاء و إدمان الخمور و المخدرات .

أثر الصراع الثقافي  Cultural conflict  في حدوث الجريمة :

المعني بالصراع الثقافي هو صراع العادات و التقاليد و منظومة الأخلاق المتباينة بين ثقافتين متباينتين لا يجمع بينهما أي جامع قدر عليهما أن يتعايشا في قطاعٍ جغرافيٍ واحد , كما هو الحال في صدام الحضارات بين أبناء البلاد الأوروبية و بين المهاجرين الآتين من الشرق مثلاً , وكذلك الصراع بين مجتمع الأكثرية و بين الأقليات التي تمتلك قيماً و عاداتٍ متباينة عن قيم و عادات الأكثرية مما يجعل أبنائها يعيشون دائماً في غربة ثقافية ذلك أن ما يعتبرونه أمراً طبيعياً مشروعاً قد يكون أمراً شائناً و مداناً بمفهوم الأكثرية .

التفكير الإجرامي :

يرى يوشيلسون  Yochelson  و  سامينو  Samenow  بأن المجرم يتميز بطريقة خاصة في التفكير و بالرغم من أن طريقة المجرم في التفكير هي طريقة خاطئة و تستند إلى أسس غير منطقية و غير أخلاقية  فإنها تبدو  بالنسبة له منطقيةً  و مثالية , وهذا يعني بأن المجرم يرى العالم المحيط به بطريقة مختلفة عن الطريقة التي يرى فيها الشخص السوي العالم.

و يرى هذين الباحثين بأن المجرم يتميز بأنه كاذبٌ محترف , كما أنه يتميز بمقدرة عالية على فصل الحقيقة عن الوهم  , و هو يستخدم الكلمات أو الأكاذيب كأوهام يضلل بها الآخرين و يرضيهم  , أي أنه لا يستخدم اللغة لتوصيف الواقع بل إنه يستخدمها كوسيلة من وسائل التضليل و الخداع  .

الشخصية المعادية للمجتمع Anti-social nature  عند المجرم :

يتسم المجرمين بعدم الانتماء لقيم المجتمع و عدم اعترافهم بتلك القيم , كما يتميزون بأنهم أشخاص يعادون المجتمع الذي يعيشون فيه  .

 لقد  فسر فرويد السلوك الإجرامي على أنه يمثل حاجة المجرم و رغبته في العقاب نتيجة مشاعر الذنب التي يعاني منها , على أمل أن يساعده تعرضه للعقاب على التخلص من مشاعر الذنب تلك .

و قد قدم تلامذة فرويد  تفسيراً للسلوك الإجرامي باعتباره  آلية نفسية دفاعية , بمعنى أن السلوك الإجرامي يشبه الآليات الدفاعية العصابية , غير أن الاختلاف بين الآليات الدفاعية العصابية و بين الجريمة يتمثل في أن الآليات الدفاعية العصابية تكون متوجهةً نحو داخل الشخص , بينما يكون السلوك الإجرامي متجهاً نحو العالم الخارجي.

التفسير السلوكي لإيزينك Eysenck  :

فسر هانس إيزينك السلوك الإجرامي تفسيره للسلوك الإجرامي في ضوء نظرته لأبعاد الشخصية الإنسانية  و هذه الأبعاد تتألف من ثنائيات :

الانبساط- الانطوائية

العصابية – الاتزان  الوجداني

الذهانية-الواقعية

و قد كان  هانس إيزنيك يرى بأن هذه الأبعاد منفصلة عن بعضها البعض  , فإذا مثلنا ثنائيتي  الانبساط- الانطوائية و   العصابية- الاتزان الوجداني بمحورين متعامدين  كان السلوك الإجرامي  أو كانت شخصية المجرم تقع ما بين محوري  الانبساط  و العصابية , و كانت شخصية المجرم بعيدةً عن محاور  الانطواء و الاتزان الوجداني  , ذلك أن الأشخاص الانطوائيين عندما  يعتلون نفسياً فإنهم يصابون بالرهاب و عصاب القلق و الوساوس , بينما نجد بأن الأشخاص  الانبساطيون عندما يعتلون نفسياً فإنهم يكونون عرضةً للإصابة بالهستيريا  و السيكوباتية psychopathy .

الاعتلال النفسي  (السيكوباثية psychopathy(  : اضطرابٌ عقلي  mental disorder  يتميز بالأنانية المفرطة egocentric  و النشاطات المعادية للمجتمع antisocial  و لذلك تدعى هذه الحالة باضطراب الشخصية المعادي للمجتمعAntisocial personality disorder   .

و لهذا السبب فإن إيزينك يرى بأن المجرمين أو الأشخاص المعتلين نفسياً و اجتماعياً يتميزون بانبساط  و عصابية مرتفعين  بينما يتميزون بعاملي انطوائية و اتزانٍ وجداني منخفضين.

كما أن إيزينك يرى بأن المجرمين يتميزون بمقدرة ضعيفة جداً على تكوين الارتباطات الشرطية , و هذه المقدرة المتدنية على تكوين الارتباطات الشرطية تجعل من الصعب عليهم التكيف مع القيم الاجتماعية و تبنيها .

يعاب على نظرية  إيزينك أنها لم تركز إلا على المجرمين ذوي الشخصية المعادية للمجتمع  أي المجرمين السيكوباتيين  المعتلين نفسياً .

النظريات النفسية-الاجتماعية المفسرة للسلوك الإجرامي:

تقسم النظريات النفسية-الاجتماعية المفسرة للسلوك الإجرامي  إلى نظريات ضبط control theories  و نظريات تعلم Learning theories .

نظريات الضبط control theories :

تفترض نظريات الضبط  بأن الميل و الدافع نحو الانحراف و السلوك الإجرامي موجودٌ لدى جميع البشر و أنه في حال الإخفاق في ضبط ذلك الميل أو ذلك الدافع فإن سلوك الفرد يصبح سلوكاً إجرامياً .

يرى هيراشي Hiraschi  بأن الضبط يقوم على أربع متغيرات تربط الفرد بالمجتمع , وهذه المتغيرات هي :

  الارتكاز و الارتباط     Attachment  .

التعهد و الالتزام commitment.

الاكتناف ( اكتناف المجتمع للفرد) Involvement .

الاعتقاد و الإيمان Belief .

و وفقاً لهيراشي فإن هذه المتغيرات التي تربط الفرد بالمجتمع و خصوصاً  المراهقين و الشباب هي التي تمنع تفشي الجريمة في المجتمع .

نظرية الاحتواء  Containment theory ( الضبط الاجتماعي):

ترى هذه النظرية أهمية الضبط الاجتماعي في منع حدوث الجريمة و منع السلوك الإجرامي من خلال مقدرة المجتمع على معاقبة الأفراد المسيئين و مكافئة الأفراد الملتزمين بالقيم الاجتماعية , و عندما تضعف مقدرة المجتمع على القيام بذلك الأمر لا يتبقى إلا الضبط الداخلي أو الاحتواء الداخلي ممثلاً في رقابة  الأنا الأعلى .

إن عدم الانزلاق إلى الجريمة يستدعي توفر القدرة على تحمل  ظروف الإحباط و القهر دون أن يسمح لتلك الظروف بأن تنتصر عليه و ذلك بأن تحيله إلى مدمن خمور أو مخدرات أو شخص منحرف .

نظريات التعلم Learning theories :

تتعلق نظريات التعلم بالآليات التي يتعلم فيها الفرد ممارسة السلوك الإجرامي .

Differential association theory نظرية الارتباط الفرقي  :

قام بتطوير هذه النظرية إيدوين سوثيرلاند Edwin Sutherland  و تقول هذه النظرية بأن الفرد من خلال تفاعله مع الآخرين يتعلم السلوك الإجرامي .

إن نظرية  سوثيرلاند هي نظرية تفسر الانحراف على أسس تفاعلية   أي أنها تفسر الانحراف بأنه نتيجة تفاعل الفرد مع الآخرين , وهذه النظرية تركز على الكيفية التي يصبح بها الفرد مجرماً و ليس على السبب أو الأسباب التي تجعل منه مجرماً  , أي أنها تركز على نقطة كيف أصبح ذلك الشخص مجرماً و ليبس على نقطة لماذا أصبح ذلك الشخص مجرماً .

إن هذه النظرية تقول بأنه من الأسهل على المجرم أن يرتكب الجريمة من أن لا يرتكب الجريمة .

دعيت هذه النظرية بنظرية الارتباط الفرقي  لأنها ترى بأن المحصلة النهائية لسلوك الفرد تنتج عن محصلة الفرق بين الرسائل السلبية التي يتلقاها من الآخرين المقربين منه و التي تحضه على ارتكاب الجريمة أو القيام بأفعال منحرفة شائنة  و بين الرسائل الإيجابية التي يتلقاها من الآخرين المقربين منه و التي تحضه على السلوك الشريف.

و قد رأى  سوثيرلاند بأن الفرق بين المجرم و غير المجرم  ليس في طبيعة كلٍ منهما و إنما في طبيعة المجتمع المحيط بكلٍ منهما , فإذا كان محاطاً بمجتمعٍ ينظر باحترام و تقدير إلى السرقة و تقاضي الرشاوى فإن ذلك الشخص ينحرف , وفي الحقيقة فقد مرت علي مجتمعات تصف المرتشي و اللص بل و الديوث القواد بأنه    ” قبضاي”   و مر علي شخص كان يصف ابن أخيه الشاب بأنه  ” قبضاي”  بالرغم من أن ابن أخيه كان يغتصب ابنته و ابنه.

المجرم معتاد الإجرام :

المجرم معتاد الإجرام هو المجرم العصابي الذي يرتكب جرائمه في ظل ظروفٍ عصابية تتسم بالطابع القهري compulsive .

حدد بولبي  Bowlby  ثلاثة عوامل حاسمة تؤثر على صحة الطفل النفسية و العقلية   وخصوصاً في أعوامه الثلاثة الأولى و تتسبب في تكون الشخصية المعادية للمجتمع و هي :

ابتعاد الأم عن الطفل أو غيابها التام خلال السنوات الثلاث الأولى من حياته.

غياب الأم المفاجئ عن حياة الطفل لمدة تزيد عن ثلاثة أشهرٍ متواصلة .

تغير صورة الأم خلال الأعوام الثلاثة الأولى من حياة الطفل.

تعرض معظم السيكوباتيين لتجربة فقدان أحد الوالدين , كما أن معظم السيكوباتيين قد نشأوا في عائلاتٍ مفككة  , أو أنهم عانوا من طلاق أو انفصال الوالدين , معظم السيكوباتيين كانوا أبناءً لآباء سيكوباتيين أو مدمنين .

التشخيص التفريقي Differential diagnosis  للشخصية السيكوباتية المعادية للمجتمع:

تشبه بعض حالات الذهان  كالفصام (الشيزوفرينيا) schizophrenia  و الهوس manic  من حيث سلوكها المعادي للمجتمع و بذلك فإنه تشبه من هذه الناحية الشخصية السيكوباتية  , كما أن هذين المرضين يتميزان بفقدان الاتصال مع الواقع وهو الأمر الذي يؤدي إلى اضطراب عملية التفكير .

و تظهر على مريض الفصام العدائية بينما يظهر التهرب من المسئولية على مريض الهوس .

نظرة الكراهية إلى رجل الأمن :

إحدى الحوادث التي تبين نظرة الكراهية العامة التي ينظر بها الناس نحو رجال الشرطة حادثة وقعت في ولاية   دالاس  الأمريكية حيث قام شخصٌ مختلٌ عقلياً  بالاستيلاء على سلاح أحد رجال الشرطة  و قام بتهديده بالسلاح وهو لا يعلم ما ينوي القيام به بعد ذلك غير أن جمهوراً من المتفرجين تجمهروا حول  مكان الحادث و أخذوا يشجعون ذلك المعتوه و يصرخون ” اقتله , اقتله ” وقد استجاب ذلك الشخص لنداء الجماهير بأن أطلق عيارين ناريين على رجل الشرطة أردياه قتيلاً , فإذا كانت هذه نظرة الجمهور للشرطي في  دولة متقدمة مثل الولايات المتحدة فيها شيء يعرف بالحق المدني  و حق المواطنة و حرية التعبير , فكيف  هو الأمر إذاً في دول العالم الثالث حيث لا ينظر إلى الشرطي إلا كشخصٌ طفيلي لا فائدة منه يغض نظره عن المجرمين الحقيقيين و يتعامل معهم بينما يلاحق الأبرياء يبتزهم و يرغمهم على دفع الرشاوى و يلصق بهم التهم .

المحامين :

في فترة آواخر الثمانينات و بدايات التسعينات كان يوجد في الولايات المتحدة 800 ألف محامي  , أي ما يعادل محامي واحد لكل 300 مواطن أمريكي , و المدهش أن ثلثي عدد  المحامين في العالم موجودين في الولايات المتحدة مع أن نسبة سكان الولايات المتحدة لا تتجاوز 6% من سكان العالم .

في إحدى الدراسات  الاحصائية التي أجريت في الولايات المتحدة وجه إلى الجمهور سؤال واحد وهو : ماهي المهنة التي يتميز العاملين فيها بأنهم الأكثر انحطاطاً من الناحية الأخلاقية ؟

و كانت إجابة هذا السؤال في أن مهنة المحاماة  هي التي احتلت المركز الأول من حيث المهن الأقل أخلاقيةً .

إن من صلب عمل المحامين الدفاع عن المجرمين و محاولة تبرئتهم و تلقينهم بالكلمات و العبارات و الأجوبة التي تمكنهم من النجاة من العقاب , كما أنه من صلب عمل المحامين الطعن في شهادة الشهود العدول و محاولة إظهار الشاهد بأنه يقول أشياء متناقضة , و حتى في أقذر الجرائم عندما يكون الضحية طفلاً صغيراً أو طفلةً صغيرة تعرضت للاغتصاب و عندما يكون المتهم  مجرماً له تاريخٌ حافل في الإجرام و اغتصاب الأطفال   و حتى عندما يعلم المحامي تمام العلم بأن موكله مجرم فإنه لا يتوانى عن محاولة تبرئته عن طريق إظهار الطفل الضحية بأنه يقول أشياء متناقضة و غير منطقية .

إن القانون الذي يعاقب من يتستر على الجرائم و يعاقب من يحاول مساعدة المجرمين على الإفلات من العقاب لا يطبق و للأسف الشديد على أكثر من يقوم بهذا الأمر وهم المحامين…

أحد المحامين كان يقول لموكله : لا تكذب لأنك لا تعرف كيف تكذب , إنك دائماً تتفوه بأكاذيب غبية مكشوفة , عليك أن تقول لي ما الذي حدث بصدق و بعد ذلك اترك مهمة الكذب علي لأنني أعرف كيف أكذب بذكاء كذباتٍ قانونية مدروسة .

وسائل التحقيق الجنائي:

جهاز تحليل صوت الشخص الواقع تحت الشدة voice stress analyzer :

يقوم هذا الجهاز بتسجيل و تحليل صوت المتهم عندما يكون في حالة استرخاء و يقوم بعد ذلك بتسجيل صوت المتهم عندما يتم توجيه الاتهامات إليه و يقوم بتحليل ذلك الصوت ومن ثم يقوم بمقارنة صوت المتهم في هاتين الحالتين .

استخدام التنويم المغناطيسي Hypnosis   في عمليات التحقيق الجنائي:

معظم الناس لديهم قابليةً للتنويم المغناطيسي و هنالك نسبة  هي بحدود 10%  يتميزون بأن عملية تنويمهم مغناطيسياً هي عمليةٌ شديدة السهولة , و بالمقابل فإن هنالك نسبة مماثلة تقريباً من البشر غير القابلين للتنويم المغناطيسي.

خلال فترة الثمانينات كانت هنالك 13 ولاية أمريكية تبيح استخدام طرق التنويم كوسيلة من وسائل تنشيط الذاكرة.

اختبارات قياس قابلية الشخص للتنويم المغناطيسي :

يهدف هذا الاختبار إلى اكتشاف ما إذا كان الشخص قابلاً للتنويم المغناطيسي أم أنه ليس كذلك .

يطلب من الشخص أن يمد  يده إلى الأمام ثم  يقول المنوم لذلك الشخص بأن ذراعه قد أصبحت ثقيلة , فإذا سحب ذلك الشخص ذراعه بتأثير ذلك الإيحاء لأنه قد شعر فعلياً بأن ذراعه قد أصبحت ثقيلة فهذا يعني بأن هذا الشخص قابلٌ للتنويم المغناطيسي , أما في حال لم تصدر ردة فعلٍ من ذلك الشخص فإن هذا يعني بأنه غير قابلٍ للتنويم المغناطيسي.

Differential diagnosis   التشخيص التفريقي  :

التشخيص التفريقي هو تمييز مرضٍ ما عن الأمراض الأخرى التي تشبهه أعراضها أعراض ذلك المرض.

projective test  اختبار اسقاطي :

الاختبار الاسقاطي في علم النفس هو اختبارٌ شخصي يسمح للمريض بالاستجابة إلى منبهاتٍ غامضة  و ذلك ليكشف عن وجود أية مشاعر غامضة أو صراعاتٍ نفسية داخل المريض .

و تطلق تسمية  ” الاختبارات الاسقاطية” projective على أية اختباراتٍ تهدف إلى الحصول على معلوماتٍ عن شخصية شخصٍ ما وذلك  بالاعتماد على استجابة ذلك الشخص العفوية غير المنضبطة لمؤثرات أو مواقف مبهمة .

Modeling  سلوك الاقتداء

الشهادة العدلية :

تتعلق الشهادة العدلية بعاملي صدق الشاهد و مقدرته على تذكر و رواية  ما رآه أو سمعه بشكلٍ فعلي دون زيادةٍ أو نقصان , هذا و إن عملية التذكر تتألف من ثلاثة مراحل وهي :

الاكتساب Acquisition  : أي إدخال المعلومة إلى الذاكرة .

الاحتفاظ بالمعلومة Retention .

استرجاع المعلومة Retrival .

الاضرابات العصابية :

أعراض الاصابة بالعصاب :

معاناة المريض من الصراعات النفسية الداخلية.

القلق  – الكآبة – السوداوية – الخوف – المعاناة من الوساوس و الأفعال  القهرية .

الحساسية المفرطة .

الاضطرابات التحولية و الانشقاقية (الهستيريا ).

القلق الرهابي و الرهاب الاجتماعي

و بالرغم من معاناة مريض العصاب  من كل هذه الصراعات النفسية و معاناته من الكآبة و الخوف و القلق و الوساوس فإن العصاب لا يؤثر على القدرات العقلية للمريض , فهو يستمر في مزاولة حياته بشكلٍ طبيعي بالرغم من كل ما يعانيه , و على الأغلب فإن مريض العصاب يتحمل كل ما يعانيه بصبر و يحاول قدر الإمكان أن يظهر بمظهر الشخص الطبيعي.

اضطراب الوسواس القهري Obsessive compulsive disorder :

وفي هذه الحالة تسيطر على المريض رغبة قهرية في القيام بفعلٍ ما غالباً ما يكون فعلاً انتحارياً أو إجرامياً أو مشيناً .

الهستيريا :

تتميز الشخصية الهستيرية بعدم النضج الانفعالي , كما تتميز كذلك بقابليتها للإيحاء .

من الأعراض السريرية (الإكلينيكية) التي تظهر على مريض الهستيريا  الاضطرابات التحولية  conversion disorder  و تعني تحول الصراع النفسي و القلق الذي يعانيه مريض الهستيريا إلى مرضٍ عضوي كالشلل أو العمى الهستيري  أو فقدان القدرة على الكلام .

و من الأعراض التي تظهر على مريض الهستيريا كذلك  ما يدعى بالاضطرابات  التفارقية  dissociative disorders  أو الاضطرابات الانشقاقية , وقد دعيت هذه الحالة بهذا الاسم لأن شخصية المريض المصاب بهذه الحالة تنشق إلى عدة شخصيات و قد يصاب المريض بفقدان الذاكرة و يحدث ذلك كردة فعل تجاه مواقف تعرض لها المريض تفوق مقدرته على التحمل , و يمكن أن تصدر عن تلك الشخصيات الجديدة تصرفات إجرامية لا تفسير لها , و من الممكن أن يعاني المصاب من  شرود هستيري  hysterical fugue   وفي هذه الحالة يبدو المريض و كأن هنالك قوىً خفية تدفعه للقيام بأفعال قد تكون ذات طبيعة إجرامية يأتي بها المريض خلال شروده الهستيري أو تجواله الليلي .

و قد يعاني مريض الهستيريا من تعدد الشخصية multiple personality  : يتميز المصاب بهذه الحالة بأنه يمتلك عدة شخصيات منفصلة عن بعضها البعض ولا تعرف كل من تلك الشخصيات ما تقوم به الشخصية أو الشخصيات الأخرى و عند تفعيل إحدى تلك الشخصيات فإن الشخصيات الأخرى تتنحى جانباً و تقوم تلك الشخصية السائدة بقيادة ذلك الشخص بشكلٍ تام و عندما تتنحى تلك الشخصية تستلم قيادة الشخص شخصية أخرى لا تعلم ما قامت به الشخصية السابقة من تصرفات .

يؤدي التعرض لاعتداءٍ جنسي و بشكل خاص عن طريق الشرج إلى تشكل الشخصيات المتعددة , كما أن التعرض للتجارب القاسية تؤدي إلى إحداث هذه الحالة , و بالنسبة للمراقب الخارجي فقد يعتقد بأن هذا التحول الجذري في تصرفات الشخص و طريقة معاملته الآخرين هو شكلٌ من أشكال النفاق , و لكن الحقيقة أن ذلك الشخص هو عدة أشخاص يصدر عن كلٍ منهم تصرفات متناقضة مع تصرفات الآخر ( لمعرفة المزيد راجع بحث  السيطرة على الدماغ أو التحكم بالدماغ) .

Conversion disorder  الاضطراب التحولي : عصابٌ نفسي psychoneurosis  يتميز بظهور أعراضٍ جسدية  كالشلل مثلاً دون أن يكون هنالك أساسٌ عضوي لتلك الإصابة و تدعى هذه الحالة كذلك بالهستيريا التحولية conversion hysteria  و أحياناً تدعى هذه الحالة كذلك بردة الفعل التحولية conversion reaction .

الاضطراب التحولي conversion reaction –  ردة الفعل التحولية conversion reaction – الهستيريا التحولية conversion hysteria : عبارة عن اضطرابٍ عقلي تتظاهر فيه الصراعات النفسية على شكل مرضٍ جسدي ليس له سببٌ عضوي واضح.

التفارق Dissociation : حالةٌ نفسية  تنعزل فيها أفكارٌ أو أحاسيس أو عواطف أو ذكريات معينة في مكانٍ منعزلٍ  في الدماغ , و تحدث هذه الحالة على سبيل المثال عند الاستغراق في قراءة كتاب أو مشاهدة فلمٍ سينمائي .

الاضطراب التفارقي dissociative disorders : حالة حادة من التفارق .

الذهان psychosis

الجنون هو الاسم الشائع  للذهان و الفصام .

الأعراض التي تظهر على مريض الذهان (المذهون) :

مريض الذهان يعتقد بأنه في كامل قواه العقلية و يعتقد بأنه لا يعاني من أي اضطرابٍ عقلي.

يعاني المذهون من اضطراب التفكير و الإدراك.

يعاني المذهون من الهلاوس و الضلالات delusion.

يعاني المذهون من الانفصال عن الواقع.

ينقسم الذهان إلى قسمين هما  الذهان الوظيفي functional psychosis  و الذهان العضوي organic psychosis.

الذهان الوظيفي functional psychosis  : يعتبر الفصام أو (الشيزوفرينيا) schizophrenia  من أهم أشكال الفصام الوظيفي و يعاني مريض الفصام أو الشيزوفرينيا من امتزاج الواقع مع الخيال , كما يعاني من  التبلد الانفعالي و تبلد الحس و التجمد الانفعالي , كما يعاني من اضطراب الارادة وهو ما يؤدي إلى عدم مقدرة مريض الشيزوفرينيا على اتخاذ أي قرار و لذلك فإنه يصبح شخصاً إمعة قابلاً للانقياد .

و يمكن أن يعاني مريض الشيزوفرينيا من الاضطرابات الجمودية (الكتاتونية ) catatonic

و تتمثل في اضطراب القدرة الحركية عند المريض.

و كذلك فإن مريض الفصام أو الشيزوفرينيا يؤمن إيماناً راسخاً بأوهام و ضلالات على أنها حقائق مثل توهمه بأن هنالك من يضطهده أو إصابته بجنون العظمة أو اعتقاده بأنه يعاني من أمراض أو إعاقات معينة.

قد يعاني مريض الفصام من اضطراباتٍ في السلوك الجنسي يظهر على شكل استعرائية و محاولات للاعتداء الجنسي و خصوصاً على المحارم بالإضافة إلى قيام المريض بالخوض في أحاديث جنسية  بلا حياء و في مواقف غير مناسبة.

الضلال Delusion : عبارة عن معتقداتٍ خاطئة يتمسك بها الفرد بالرغم من أن كل الأدلة تؤكد بأن هذه المعتقدات ساقطة و باطلة .

كان هنالك شيءٌ ما يضعونه فوق عيني البغل الذي يجر العربات بحيث لا يتمكن من النظر إلا إلى الأمام حتى يسير وفق إرادة صاحبه , وهذه حال من يتمسك بالمعتقدات الساقطة الباطلة دون أن يعمل عقله فيها .

و غالباً ما تنتج هذه المعتقدات الباطلة عن خداع وسائل الإعلام و القنوات الإخبارية بشكلٍ خاص و الكتاب و الصحفيين المأجورين ( و ما أكثرهم) أو خداع رجال الدين و يمكن أن تنتج هذه المعتقدات الباطلة عن خداع المجتمع المنافق أو حتى خداع الأهل لأبنائهم .

إن القنوات الإخبارية هذه التي يشاهدها العوام يشرف عليها علماء نفسٍ كبار لا يهمهم الخبر بقدر ما يهمهم  طريقة صياغة الخبر و وقع ذلك الخبر و تأثيره على المتفرج و علماء النفس أولئك يشنون حرباً نفسيةً هوجاء على ذلك المتفرج المسكين و يقومون ببرمجة دماغه دون أن يدرك ذلك  المسكين ما يفعل به.

الجماد Catatonia : حالة طبية و نفسية شديدة الحدة تتميز بالذهول الجمادي catatonic stupor و تتميز هذه الحالة بغياب عام للنشاط الحركي motor activity , أما حالة الإثارة الجمادية  catatonic excitement  فتتميز بالعنف  و السلوك المفرط النشاط hyperactive behavior  دون أن يكون لذلك النشاط أي هدفٍ واضح.

ترتبط حالة الجماد  ببعض الحالات الطبية و النفسية مثل متلازمة مضادات الذهان الخبيثة المهددة للحياة life-threatening neuroleptic malignant syndrome  و الاضطراب ثنائي القطب bipolar disorder .

هنالك عدة عقاقير تستخدم في علاج هذه الحالة من بينها  البينزوديازيبين benzodiazepines.

كما يعاني مريض الفصام كذلك من الاضطرابات الوجدانية  Affective disorders  حيث تظهر على المريض نوباتٍ من الاكتئاب و المرح .

ترتفع معدلات الانتحار بين المصابين بالاكتئاب الذهاني Psychotic depression   ولذلك يعتبر الاكتئاب الذهاني من أشد أنواع الاكتئاب خطراً  و غالباً ما يقوم المريض قبل إقدامه على الانتحار بقتل من يحب اعتقاداً منه بأنه بذلك ينقذهم من بؤس الحياة ولذلك يمكن لمريض الاكتئاب الذهاني أن يقتل أفراد عائلته قبل أن يقدم على الانتحار , وهذا الأمر قد حدث بشكلٍ واقعي بعد التحالف الصليبي الأورثوذوكسي-البروتستانتي-الكاثوليكي  الأممي الذي أدى إلى هزيمة ألمانيا النازية حيث كان الضباط الكبار يسممون أولادهم بسمٍ سريع لا يحدث الألم قبل أن يقوموا بقتل زوجاتهم و من ثم قتل أنفسهم ( الضباط الألمان الخونة الذين كانت لهم اتصالات سرية مع ذلك التحالف الصليبي لم يقوموا بذلك الأمر ) .

الاكتئاب الذهاني  Psychotic depression  :

الاكتئاب الذهاني هو أحد أكثر أشكال الاكتئاب حدةً و يتخلل هذا الاكتئاب لحظاتٌُ من جنون العظمة paranoid  , كما يعاني المصاب بهذه الحالة من الهلاوس السمعية-البصرية audio-visual hallucinations  و الاكتئاب الذهاني هو حالةٌ مزمنة  دورية cyclic , و يمكن أن ينتهي الأمر بمريض الاكتئاب الذهاني إلى الانتحار .

الذهان العضوي :

تطلق تسمية الذهان العضوية على الاضطرابات العقلية التي تنتج عن إصابة الدماغ بأذىً عضوي و يعتبر  الصرع epilepsia من أبرز أمثلة الذهان العضوي .

يقسم الصرع إلى نوعين و هما : صرعٌ عرضي و صرعٌ أولي .

الصرع العرضي : هو الصرع الذين يكون بمثابة  عرضٍ لمرضٍ آخر .

الصرع الأولي : هو الصرع الذي يكون مرضاً بذاته و ليس عرضاً لمرضٍ آخر.

في حالة الصرع النفسي الحركي يمكن للمريض أن يرتكب أعمالاً إجرامية عندما  يعاني من نوبة صرعٍ نفسية حركية  .

و تندرج تحت بند  الذهان العضوي كذلك حالات السكر بتأثير الخمر و حالات فقدان الوعي بتأثير المخدرات و محدثات الهلوسة و ما شابه ذلك .

الأعراض الانسحابية  أو الأعراض الامتناعية withdrawal symptoms  وهي الأعراض التي تظهر على المدمن بعد امتناعه عن تعاطي المادة المخدرة بعد اعتياده عليها .

الحشيش و الذهان : يؤدي تعاطي الحشيش إلى ظهور علاماتٍ ذهانية على المتعاطي كالهذيان و الهلاوس السمعية و البصرية .

الأفيون و الذهان :يؤدي تعاطي الأفيون إلى حدوث تدهورٍ أخلاقي عند المتعاطي و ميل نحو الأجرام .

دلت الأبحاث على أن هنالك ارتباطٌ سلبي ما بين تعاطي الحشيش و بين السلوك الإجرامي بينما هنالك ارتباطٌ إيجابي ما بين تعاطي الأفيون و بين السلوك الإجرامي.

الكوكائين : يزيد من الرغبة عند النساء ولذلك يكثر تعاطيه بين فتيات الليل.

الخمر : يرتبط تعاطي الخمور و إدمانها بالحالة التي تعرف  باسم  ” ذهان كورساكوف” Korsakoff’s psychosis  , كما يرتبط بمتلازمة ورنيكة .

غالباً ما يعاني المذهونون من تأخرٍ عقلي أو تدهورٍ عقلي.

الذاكرة :

تنقسم الذاكرة طبقاً للحواس فهنالك ذاكرةٌ لفظية verbal  أو ذاكرةٌ سمعية Auditory   \echoic memory  تقوم بتخزين الأصوات التي التقطتها الأذن و هنالك ذاكرةٌ بصرية eye memory   أو ذاكرة إبصاريه visual memory  تقوم بتخزين الصور التي التقطتها العين و هنالك ذاكرةٌ لمسية و أخرى شمية , وهكذا .

كما تقسم الذاكرة إلى ثلاثة مستوياتٍ هي :

الذاكرة اللحظية recent memory  و غالباً ما يتم التخلص من البيانات المختزنة عليها خلال ثواني مالم يتم نقل تلك البيانات إلى الذاكرة القصيرة الأمد short-term memory  و عندما يتم تثبيت البيانات المختزنة على الذاكرة القصيرة الأمد بالتكرار و المراجعة يتم نقل البيانات المختزنة عليها إلى الذاكرة المديدة (الذاكرة البعيدة المدى) long-term memory

تتعرض الذاكرة لنوعين من الخلل وهما : خللٌ عضوي و خللٌ وظيفي.

الخلل العضوي organic disorder: يقع الخلل العضوي نتيجة إصابةٍ ما يتعرض لها الدماغ كما هو الأمر في حال الاصابة بالذهان الكحولي alcoholic psychosis  و الذهان الشيخوخي  geriopsychosis\ senile psychosis .

الخلل الوظيفي functional disorder : يحدث الخلل الوظيفي دون وجود سببٍ عضوي , كما هي الحال في الأمراض العصابية كالهستيريا  و حالة تعدد الشخصيات multiple personality  و الفصام paleophrenia(الشيزوفرينيا)  و القلق و الهوس.

في حالاتٍ كثيرة يبدو فيها المرض و كأنه مرضٌ نفسيٌ بحت أو مجرد تهتكٍ أخلاقي  و في حالات ارتكاب الجرائم الجنسية و الأفعال المشينة و في حالات الميول الشاذة ينصح دائماً بإجراء فحوصاتٍ  شاملة للدماغ لأن  سبب تلك الحالات قد يكون سبباً عضوياً بحتاً .

كما ينصح بإجراء  الفحوصات الشاملة في حال الأمراض النفسية التي لا تتجاوب مع أي شكلٍ من أشكال العلاج النفسي , وفي أحايين كثيرة يوصى بإجراء هذه الفحوصات قبل إضاعة الوقت في ممارسة أساليب العلاج النفسي , لأن أساليب العلاج النفسي قد لا تعطي أي نتائج في حال كان  سبب  المشكلة سبباً عضوياً .

علماً أن  هنالك الكثير من الاختبارات النفسية التي تساعد على اكتشاف وجود مشكلاتٍ  و إصاباتٍ عضوية في الدماغ  , بل إن الاختبارات النفسية قد تكون أكثر فاعلية من مخطط كهربية الدماغ في كشف  إصابات الدماغ و خصوصاً  في حال الاصابات و المشكلات الدماغية العضوية العميقة  كاختبارات الادراك الحسي و المقدرات العقلية , فهنالك مثلاً ارتباطٌ بين الفشل في الاختبارات اللفظية و بين   تلف نصف الكرة المخية الأيسر بينما يشير الفشل في الاختبارات العلمية إلى وجود تلفٍ في نصف الكرة المخية الأيمن.

اكتشف الباحثون في الخمسينيات أن عقاقير الهلوسة تتسبب في حدوث اضطرابات  في الدماغ شبيهة بتلك الاضطرابات التي تحدث في حال الفصام.

مؤشرات العدوان عند مونهان Monhan:

وضع مونهان عدة مؤشرات قد تنبئ بأن الشخص قابلٌ للقيام بأعمالٍ عدوانية أو إجرامية وهذه المؤشرات هي:

أن يكون الشخص ذكراً – أن يتراوح عمره ما بين 30و 35 عام – أن يكون ذو ذكاءٍ متدني – أن ينتمي لأقلية من الأقليات – أن يكون من متعاطي الخمور أو المخدرات .

وقد أضاف باحثون آخرون إلى مؤشرات العدوان عند مونهان مؤشراتٍ أخرى منها :

القسوة على الحيوانات .

تنقسم الأدوية النفسية إلى خمس أنواع وذلك تبعاً لتأثير هذه الأدوية على السلوك وهذه الأنواع هي:

مضادات الذهان antipsychotic

مضادات الاكتئاب antidepressant

مضادات الهوس antimaniacal

مضادات القلق antianxiety

المهدئات temperantia و المنومات dormifacient.

العقاقير المضادة للذهان: تستخدم في علاج المشكلات الذهانية مثل الفصام و الاكتئاب الذهاني .

تفيد مضادات الذهان في علاج اضطرابات التفكير و علاج الهذاءات و الهلاوس التي ترافق الإصابات الذهانية .

كما أن معظم  أدوية علاج الاضطرابات الذهانية تمتلك تأثيراً مهدئاً  وهي خاصيةٌ عامة في علاج   الهياج الذي كثيراً ما يصاحب الاضطرابات الذهانية.

هنالك نوعٌ من الاكتئاب العضوي الذي ينتج عن وجود خللٍ عضوي في النواقل العصبية الناظمة للمزاج و في هذه الحالة تكون الاستجابة جيدة للعلاج الدوائي بمضادات الاكتئاب .

يتميز المهووس بمزيجٍ من النشوة و الإحساس بالعظمة كما أنه يتميز بسرعة البديهة و النشاط و قد يعاني  المهووس من بعض الاضطرابات الذهانية مثل الهلوسة و الهذيان و بالإضافة إلى شعوره بالعظمة فإن المهووس قد يعاني في أوقات أخرى من نوباتٍ من الاكتئاب و هذه الحالة من تعاقب نوبات الشعور بالعظمة مع نوبات الاكتئاب تعرف باسم ” الاضطراب الوجداني الثنائي القطب ” أو ” ذهان الهوس الاكتئابي” .

غالباً ما تتم معالجة الهوس  بعقار الليثيوم  Lithium .

يستخدم عقار الليثيوم مع بعض مضادات الذهان لعلاج حالات الفصام .

ملح الليثيوم Lithium salt  :

يستخدم ملح الليثيوم كعقار مثبت للمزاج mood stabilizing drugs و يسوق تحت أسماء تجارية مثل (Eskalith® Lithobid® Camcolit®)  و يستخدم هذا العقار في علاج الاضطراب ثنائي الاتجاه bipolar disorder  , الكآبة depression, الهوس mania و الشيزوفرينيا schizophrenia.

من أشهر مركبات الليثيوم التي تستخدم في العلاج مركب كربونات الليثيوم lithium carbonate  Li2CO3))  و سيترات الليثيوم lithium citrate (Li2SO4)  و كبريتات الليثيوم lithium sulfate (Li2SO4) .

يتفاعل الليثيوم مع عددٍ من النواقل العصبية neurotransmitters و المستقبلات العصبية

Receptors حيث يقلل من إطلاق  النورادرينالين noradrenaline   و يزيد من تركيب  السيروتونين serotonin.

الأنسولين و علاج الفصام:

كان الأنسولين يستخدم في علاج حالات الفصام  oneirophrenia  و الأنسولين يستخدم اليوم بمقادير طفيفة في علاج  بعض الأغراض العصابية مثل  التوتر العصبي و القلق  و فقدان الشهية , كما يستخدم الأنسولين في علاج الأعراض الإنسحابية الناتجة عن توقف المدمن عن تعاطي المخدرات.

أساليب العلاج بالتحليل النفسي psychoanalysis  :

و هذه الطريقة في العلاج مستهلكة للوقت كما أنها باهظة التكلف و قد تتطلب سنوات حتى تعطي نتائجها .

العلاج النفسي الجماعي  Group psychotherapy :

 و تقوم هذه الطريقة من طرق العلاج على تجميع المرضى النفسيين الذين يعانون من حالة مرضية واحدة في مجموعات بحيث يتحدث كلٌ منهم عن تجربته المرضية بإشرافٍ و توجيه غير مباشر من المعالج النفسي و هذه الطريقة في العلاج قد تكون أجدى اقتصادياً من طريقة التحليل النفسي حيث يمكن للمرضى بهذه الطريقة أن يقاسموا أجر المعالج النفسي  بحيث يتوجب على كلٍ منهم أن يدفع مقداراً معقولاً من المال لكل ساعة علاج فإذا كان يحضر الجلسة الواحدة عشرة مرضى فهذا يعني بأنه يتوجب على كلٍ منهم أن يدفع عشر أجر المعالج النفسي فقط بحيث تصبح تكلفة جلسة واحدة من جلسات العلاج النفسي مساوية لتكلفة عشر جلسات من جلسات العلاج الجماعي.

المعالجة النفسية الدرامية psychodrama :

تعتمد هذه الطريقة من طرق العلاج على أسلوب ” التفريغ الانفعالي ” حيث يطلب من المرضى أن يقوموا بإعادة تمثيل المحن و المواقف الصعبة التي مروا بها في حياتهم و في طفولتهم بصدق حتى تحصل عملية  تفريغ انفعالي للانفعالات المكبوتة داخلهم.

طريقة  التداعي الحر للأفكار free association :

هذه الطريقة  في تشخيص المشكلات النفسية تعتبر من طرق العلاج النفسية  الجماعية التحليلية حيث يجلس المعالج النفسي بين مجموعة من المرضى النفسيين و يستمع إلى أحاديثهم مع بعض حول مشكلاتهم النفسية بحيث يتحدث كل مريض بطريقة التداعي الحر عما يعاني منه وهو الأمر الذي يمكن المعالج النفسي من تشخيص حالة كل مريضٍ منهم.

طريقة النهي المتبادل –التثبيط المتبادل  Reciprocal inhibition  :

تعتبر طريقة النهي المتبادل إحدى طرق العلاج السلوكي behavior therapy  .

تستخدم طريقة  النهي المتبادل بشكلٍ خاص في علاج حالات الخوف المرضي (الرهاب) phobia , و يقوم النهي المتبادل  على مبدأ أن تعريض المريض للمؤثر الذي يتسبب في إثارة مخاوف المريض و قلقه دون أن يتسبب ذلك المؤثر في حدوث القلق و الخوف فإن ذلك  يؤدي مع تكرار ذلك الأمر إلى فك  الارتباط ما بين ذلك المؤثر و بين استجابة المريض لذلك المؤثر.

Systematic desensitization  طريقة إزالة التحسس المنهجية :

تعتمد هذه الطريقة على تقسيم الموقف المسبب للقلق و الخوف إلى أجزاء و مراحل و تعريض المريض لذلك الموقف بشكلٍ تدريجي و فق المراحل التي قسمنا ذلك الموقف إليها بحيث لا ننتقل إلى المرحلة التالية إلا بعد أن يفقد المريض حساسيته تجاه المرحلة الحالية من ذلك الموقف إلى أن يفقد المريض حساسيته بشكلٍ تام لذلك الموقف و علينا دائماً البدء بالمواقف الأقل صعوبة و الانتهاء بالمواقف الأشد سوءاً بالنسبة للمريض.

إزالة التحسس المنهجي هي إحدى طرق العلاج  السلوكي behavioral therapy التي تستخدم في علاج الرهاب (الفوبيا)  phobias  و اضطرابات القلق anxiety disorders و غيرها من الاضطرابات السلوكية  

و تعتبر طريقة إزالة التحسس المنهجي إحدى طرق العلاج  البافلوفي  Pavlovian therapy

التي قام عالم النفس الجنوب إفريقي    جوزيف وولب Joseph Wolpe بتطويرها .

تتضمن طريقة إزالة التحسس المنهجية تدريب المريض على الاسترخاء و من ثم تفكير المريض في المواقف التي تسبب له القلق أو الرعب وهو في حالة استرخاء إلى أن يتفكك الارتباط ما بين تلك الأفكار أو المواقف و بين الشعور بالقلق و الهلع وهو الأمر الذي يمكن ذلك المريض من مواجهة مخاوفه  وهو في حالةٍ من الاسترخاء.

Negative practice  التدريب السلبي

تستخدم هذه الطريقة في العلاج للتخلص من العادات السيئة و ذلك عن طريق ممارسة تلك العادات بشكل إرادي منهجي و مكثف إلى أن تحدث لدى المريض حالة ” كفٍ تراكمي” تجعله يقلع عن ممارسة تلك العادة  , فإذا كان لدينا مريض معتادٌ على أن يقضم أظافره بشكلٍ لا شعوري فإن علينا أن نضع له جدولاً مكثفاً يقوم وفقه بقضم أظافره وفق مواعيد منتظمة إلى أن يقلع عن تلك العادة .

العلاج التفييضي Flooding  -العلاج بالغمر :

تتمثل طريقة العلاج بالغمر في تعريض المريض لجميع مخاوفه دفعةً واحدة إما عن طريق التصور و التخيل أو بشكلٍ فعلي و تستخدم هذه الطريقة بشكلٍ خاص في علاج حالات الخوف و القلق و الانسحاب الاجتماعي , كما تستخدم في علاج الأفعال القهرية .

العلاج بالتكريه (العلاج التكريهي) –العلاج البغيضي aversion therapy:

يعتمد العلاج بالتنفير على ربط  العوامل المثيرات التي نريد  التخلص من انجذابنا نحوها بعوامل منفرة كالعقاقير المحدثة للغثيان producing drugs  nausea و الصدمات الكهربائية , فإذا كان لدينا مريضٌ ما يعاني من المثلية الجنسية مثلاً  تجري معالجته عن طريق عرض مجموعة مختلطة من الصور عليه ومن بينها صور رجال و كلما مرات أمامه صورة رجل نقوم بتمرير صدمة كهربائية إلى المريض بحيث يصبح هنالك ارتباطٌ شرطي في ذهن المريض ما بين  صورة الرجل و بين الألم الذي أحدثته الصدمة الكهربائية electric shock.

أما مدمن الخمر فيمكن أن نستخدم العقاقير المحدثة للغثيان في علاجه بحيث يتشكل في ذهنه ارتباطٌ شرطي ما بين تعاطي الخمر و بين الشعور بالغثيان .

الارتجاع الحيوي – العائد البيولوجي biofeedback :

تقوم طريقة الارتجاع الحيوي  على وضع  شاشة أمام المريض تظهر فيها التغيرات التي تحدث في جسده من ضغط الدم و مستوى سكر الدم و معدل ضربات القلب heartbeats و موجات الدماغ brain waves حتى  يشاهد المريض بالصورة و الصوت تأثير أفكاره  على العمليات الحيوية اللاشعورية unconscious bodily processes التي تجري داخل جسده  حتى يتمكن لا حقاً و بطريقة شعورية واعية من تجنب تلك المؤثرات الفتاكة ,و لو قام المريض بتدخين سيجارة أو شرب الخمر أو شاهد قناة ً إخبارية أو شاهد مواد خليعة لرأى بأم عينه عن طريق  الارتجاع الحيوي التأثير المدمر لمثل هذه المؤثرات و كيف تفتك بجسده .

علم النفس التطبيقي

علم النفس العسكري (الحواس )

وقد ركز علماء النفس الألمان على كلٍ من مجال علم النفس الدفاعي  defensive moral و علم النفس الهجومي offensive moral  , و المعني بعلم النفس الدفاعي  كيفية رفع معنويات الجنود و الشعب أثناء المعركة و قبلها و بعدها , أما علم النفس الهجومي  فيعنى بتحطيم معنويات الأعداء عن طريق وسائل الإعلام و عن طريق الدعاية التحطيمية  التي يبثها عملاء مأجورون أو أغبياء بلا أجر , و بما أن الألمان كانوا يواجهون أمماً مختلفة قد اجتمعت على حربهم متباينة الأديان و الأعراق و المذاهب  فكان هنالك  الروس الأرثوذوكس و الأمريكان  و البريطانيين البروتستانت  و بقية الدول الأوروبية التي تدين بالكاثوليكية  ولذلك فقد حاولوا شق صف ذلك التحالف عن طريق البحث عن نقاط الضعف و نقاط الخلاف و اللعب عليها بطريقة ذكية خفية .

و بالمقابل فقد حشد الأمريكان أكثر من عالم نفس ليقودوا الحرب النفسية ضد الألمان , و في الحقيقة فإن كثيراً من أبحاث علم النفس الحربي التي توصل إليها كلٌ من الألمان و الأمريكيين  ما تزال أبحاثاً سرية لا يسمح لأحدٍ بالاطلاع عليها , كما أن تلك الأبحاث تطبق اليوم في وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة .

و يدرس علم النفس الحربي كذلك نقاط ضعف و قوة حواس الإنسان في المعركة  و الطرق المثلى للاستفادة من تلك الحواس في رؤية و تحديد الأهداف , كما يدرس في الوقت ذاته الطرق المثلى للتمويه و التخفي و خداع الحواس .

فبما يختص بحاسة البصر بقول علم النفس الحربي بأن قابلية العين لرؤية الهدف و تحديده تزداد كلما ازداد تباين شكل و لون ذلك الهدف عن الخلفية التي يقع عليها و كلما ازداد تباينه عن الأشياء المجاورة له  , و كذلك فإن قابلية العين لرؤية الهدف و التعامل معه تكون في أوجها عندما يقع الهدف مباشرةً أمام العين  أي عندما يقع هذه الهدف على زاوية قائمة أمام العين و أن المقدرة على رؤية الهدف و التعامل معه نقل عندما يتوضع هذا الهدف  بشكلٍ جانبي , أي عندما يتوضع على شكل زاويةٍ حادة مع خط البصر لأن تركيز العبن يكون بشكل رئيسي على الأشياء التي تقع مباشرةً أمامها.

و كذلك فإن مقدرة العين على تحديد  الهدف تزداد كلما ازدادت مدة رؤيتها لذلك الهدف .

تستطيع العين رؤية شرارة نار الولاعة من على بعد عشرة أميال , وقد كان سائداً خلال الحرب العالمية التشاؤم من إشعال  السيجارة للجندي الثالث –فعند إشعال أول سيجارة في الظلام كان جنود العدو ينتبهون إلى وجود شيءٍ ما و عند إشعال السيجارة الثانية كانوا يتأكدون من وجود شخص كما كانوا يتمكنون من تحديد موقعه و تسديد أسلحتهم و عند إشعال سيجارة الجندي الثالث كان جنود الأعداء يقومون بإطلاق نيرانهم و يتمكنون من إصابة الهدف .

يقوم بؤبؤ العين بمهمة  شبيهة بمهمة المغلاق في آلات التصوير و ذلك عن طريق تحكمه بكمية الضوء التي تدخل إلى العين .

تصغر مساحة بؤبؤ العين كلما تقدم الإنسان في السن  و هذا يعني بأن كمية الضوء التي تدخل إلى العين تقل مع تقدم الإنسان في السن وهذا يعني بأن مقدرة الإنسان على الإبصار في الظلام تقل مع تقدمه في السن.

تتولى مجموعة من العضلات مهمة ضبط حركة العين و عند النظر إلى أشياء بعيدة حيث أن هذه العضلات تنبسط  و تكون في حالة راحة , بينما تكون عضلات هذه العدسة في حالة انقباض عندما يقوم الشخص بالتركيز على شيءٍ قريب و تحتاج عضلات عدسة العين إلى بضعة ثواني حتى تتمكن من ضبط  عدسة العين بالشكل الأمثل و لهذا السبب فإن الانتقال السريع و المتكرر بين النظر إلى أشياء قريبة و النظر إلى أشياء بعيدة هو أمرٌ يجهد العين , وهو الأمر الذي يحدث مع الطيار الذي ينقل بصره بسرعة بين مؤشرات لوحة القيادة التي أمامه و بين الفضاء المحيط به و الأرض الشاسعة التي تمتد أسفل منه .

و بما أن العضلات المحركة لعدسة العين تكون في حالة انقباض عند النظر إلى الأشياء القريبة و تكون في حالة استرخاء عند النظر إلى الأشياء البعيدة فإن  هذا يعني بأنه يتوجب على الشخص أن يريح عينيه دائماً  بعد قيامه بالأعمال التي تتطلب التركيز على أشياء قريبة و ذلك بتأمل الأشياء البعيدة.

و مع تقدم الإنسان في السن فإن عدسة العين تفقد مرونتها و يصبح التركيز على الأشياء الدقيقة أمراً صعباً للغاية.

تقاس حدة البصر عن طريق اختبار يدعى باختبار حلقة لاندولت  Landolt ring – Landolt C  و تعرف كذلك بتسمية  حلقة لاندولت المكسورة Landolt broken ring  وهي عبارة عن اختبارٍ بصري optotype يتألف من حلقات ذات فتحات شبيهة بالحرف  C و تكون هذه الفتحة ذات اتجاهات مختلفة  ( متجهة نحو الجهة اليمنى أو الجهة اليسرى أو أنها تكون متجهةً نحو الأعلى أو الأسفل) , وفي هذا الاختبار يطلب من المريض أو من الشخص الخاضع للاختبار أن يحدد الجهة  التي تتجه نحوها تلك الفتحة , و تهدف هذه الاختبارات إلى تحديد أصغر شيء يمكن أن يراه الشخص عن بعد .

تعطى علامات هذا الاختبار من 20  حيث يمثل هذا الرقم  مقدرة الشخص الطبيعي على الرؤية فإذا حصل  الشخص الخاضع لاختبار  حلقة لاندولت على 20 درجة من 20 فهذا يعني بأن نظره طبيعي يماثل في قوته قوة نظر الشخص الطبيعي , و إذا حصل ذلك الشخص على 10 درجات من 20 فهذا يعني بأن حدة بصره تبلغ نصف قوة البصر عند الشخص الطبيعي , أما إذا كانت نتيجة الاختبار 20  من 10 فهذا يعني بأن حدة بصره تبلغ ضعف حدة بصر الشخص الطبيعي.

غير أن هنالك نقطة يتوجب علينا الانتباه إليها جيداً و تتمثل في أن هنالك أشخاصٌ  يمتلكون حدة بصر في رؤية الأشخاص القريبة فقط , بينما هنالك أشخاص يمتلكون حدة بصر فقط عند رؤية الأشياء البعيدة .

المحافظة على حاسة البصر :

تجنب نقل البصر بشكلٍ سريع  ما بين مكان معتم و آخر مضيء .

تجنب نقل النظر بشكلٍ سريع ما بين شيءٍ قريب و شيءٍ بعيد.

تجنب التحديق في الأشياء الدقيقة لمدة طويلة من الزمن و إذا كانت مهنتك تقتضي ذلك فعليك استخدام عدسة مكبرة طبية .

يستدعي إدراك البعد الثالث أن تعمل العينين بشكلٍ متناغم بحيث تلتقط كل عين صورةً للشيء ذاته من زاوية مختلفة , ولكنك إذا أغلقت عيناً و أبقيت عيناً واحدةً مفتوحة يبقى بإمكانك إدراك البعد الثالث ولكن ليس بالدقة ذاتها التي تدرك فيها العينين معاً ذلك البعد.

عند الشخص الذي لديه عينٌ واحدة فإن تلك العين تضطر إلى التحرك في محجرها حتى تلتقط صورة ذلك المرئي من زوايا مختلفة حتى  تتمكن من إدراك أبعاده المختلفة و حتى تراه بشكلٍ مجسم.

يؤدي التركيز الطويل على الأشياء الدقيقة إلى حدوث انخفاض في معدل ضربات القلب .

المنظور الخطي Linear perspective :

ظهور الأشياء البعيدة مرتبطة و متلاصقة مع بعضها البعض .

المنظور الهوائي Aerial perspective  أو المنظور الجوي atmospheric perspective:

نعني بالمنظور الهوائي  أثر الهواء في تشويه صور الأشياء البعيدة بحيث أنه كلما ازداد بعد الشيء عنا  قل تباين ذلك الشيء عن خلفيته  و صعب التمييز بين ذلك الشيء و بين خلفيته , كما أنه كلما ازداد بعد الشيء عنا أصبح لونه أقل إشباعاً  less saturated و أصبح مائلاً للزرقة .

إذا كان هنالك شيئين بعيدين فيمكننا أن نميز الشيء الأبعد من خلال أن الشيء الأقرب يغطي أجزاء من الشيء الأبعد و الرسامون يستخدمون هذا الأمر في لوحاتهم ليظهروا  الشيء الأبعد .

إذا كان هنالك شيئين بعيدين و أردنا تمييز الأقرب من الأبعد فإننا نتحرك بضع خطوات جانبية نحو الجهة اليمنى أو الجهة اليسرى و هنا فإن :

الشيء الأبعد يبدو و كأنه يتحرك معنا .

المرئي  الأقرب يبدو و كأنه يتحرك إلى الجهة المعاكسة فإذا خطونا نحو الجهة اليسرى بدى بأنه يتحرك نحو الجهة اليمنى و إذا تحركنا نحو الجهة اليمنى بدى و كأنه يتحرك نحو الجهة اليسرى.

عندما نركب السيارة فإن الأشجار تبدوا و كأنها تتحرك في الاتجاه المعاكس لاتجاه السيارة بينما يبدوا القمر مثلاً و كأنه يتحرك مع السيارة .

تنقبض عدسة العين إذا نظرنا إلى شيءٍ قريب و تنبسط إذا نظرنا إلى شيءٍ بعيد .

إذا نظرت العينين إلى شيءٍ بعيد فإنهما تنظران إلى ذلك الشيء بشكلٍ متوازي أي أن خطي نظر العينين يكونان متوازيين مع بعضهما  البعض و إذا نظرات العينين إلى شيءٍ قريب  فإن خطي النظر لا يكونان متوازيين بل يكونا على شكل حرف V   بمعنى أنه عندما تنظر العينين إلى شيءٍ قريب فإن خطي نظرها يلتقيان عند ذلك المرئي القريب  convergence و لهذا السبب فإن تركيز النظر على الأشياء القريبة يكون مجهداً للعينين .

عندما تنظر العينين إلى شيءٍ بعيد فإن خطي نظرهما يكادان يكونان متوازيين أما إذا نظرت العينين إلى شيءٍ قريب فإن خطي النظر يلتقيان مع بعضهما البعض عند الشيء المرئي .

إن إبصار شيءٍ ما يتطلب التقاء خطي نظر العينين  عند ذلك المرئي  , حيث يشكل الشيء المرئي نقطة التقاء خطي النظر.

غير أن الصورة التي تبصرها كلٌ من هاتين العينين تختلف عن الصورة التي تبصرها العين الأخرى وذلك أن كل عينٍ تنظر إلى الشيء المرئي ذاته من زاوية مختلفة  وهذا يعني بأنه تتشكل لدينا صورتين مختلفتين للشيء ذاته  وهنا يأتي دور المراكز البصرية في المخ حيث تقوم بدمج هاتين الصورتين مع بعضهما البعض و نتيجة ذلك تتكون لدينا الرؤية المجسمة و هذا ما يدعى بتخاطل العينين     binocular parallax.

وعلى هذا المبدأ تعمل نظارات الرؤية المجسمة  حيث تقوم نظارة الرؤية المجسمة على مبدأ أن تنظر كل عين من عينينا إلى الشيء المرئي ذاته ولكن  من زاوية مختلفة عن الزاوية التي تنظر منها العين الأخرى , أي أن تنظر العينين إلى المنظور ذاته ولكن من زاويتين مختلفتين , و لضمان أن تصل إلى الدماغ صورتين مختلفتين للشيء ذاته حتى يقوم بتجميع صورة مجسمة لذلك الشيء يتوجب أن يفصل بين العينين حاجز يمنع مشاهدة العين لما تشاهده العين الأخرى .

فائدة النظارات المجسمة في الحرب :

خلال الحرب العالمية الثانية كان اليابانيون يضعون الكثير من النماذج الكرتونية غير المجسمة لطائرات حربية على الأرض حتى يضللوا الحلفاء , غير أن نظارات الرؤية المجسمة كانت تمكن طياري الحلفاء من اكتشاف هذه الخدعة .

تستخدم نظارة الرؤية المجسمة في كشف عملية تزوير العملة  فإذا شاهدنا ورقتي عملة سليمتين

في نظارة رؤية مجسمة بدت لنا هاتين الورقتين   ورقة نقدية واحدة خالية من أية تجاعيد , أما إذا اختلفت إحدى هاتين العملتين الورقيتين عن الأخرى فإن ما سنراه في نظارة الرؤية المجسمة هو ورقة نقدية مجعدة و ذات سطحٍ غير مستوي.

الرؤية الليلية :

يتوزع على شبكية العين نوعين من الخلايا وهما   الخلايا العصوية و الخلايا المخروطية , ومن المعتقد بأن الخلايا المخروطية هي التي تتولى مهمة الرؤية النهارية , بينما تتولى الخلايا العصوية الرؤية الليلية  .

تتركز الخلايا المخروطية  المسئولة عن الرؤية النهارية بشكل كبير في منطقة  البقعة الصفراء و التي تدعى كذلك بتسمية ” حفيرة الشبكية” لأنها تشبه الحفرة , ويقل عدد هذه الخلايا المخروطية(المسئولة عن الرؤية النهارية) بشكلٍ تدريجي كلما ابتعدنا عن  حفيرة الشبكية .

يمكن أن نجد الخلايا المخروطية (المسئولة عن الرؤية النهارية) بعيداً عن حفيرة الشبكية , ولكن لا وجود للخلايا العصوية (المسئولة عن الرؤية الليلية) في حفيرة الشبكية ( البقعة الصفراء) و التي تدعى كذلك بالنقرة المركزية للشبكية fovea centralis retinae.

و أنتم تعلمون بأن الرؤية تكون أكثر وضوحاً عندما  يقع الشيء المنظور على مركز الشبكية , أي على البقعة الصفراء أو النقرة المركزية للشبكية , و إذا وقعت صورة الشيء المرئي بعيداً عن مركز الشبكية فإنها تكون أقل وضوحاً , وسبب ذلك  أن هنالك عددٌ قليلٌ من الخلايا المخروطية  (المسئولة  عن الرؤية النهارية ) خارج منطقة اللطخة الصفراء ( الحفيرة المركزية في الشبكية) .

غير أن هذا الأمر يصح فقط  في النهار أو في حال توفر الإضاءة الكافية , غير أن هذا الأمر لا يصح  في الظلام و العتمة , و سبب ذلك أن البقعة الصفراء , أو الحفيرة المركزية في الشبكية  لا تحوي على الخلايا العصوية المسئولة عن الرؤية الليلية .

و لهذا السبب يحدث العكس تمامً  في الظلمة حيث تكون الرؤية أكثر وضوحاً في العتمة عندما تقع صورة الشيء المنظور على أطراف الشبكية و ليس على مركزها , و سبب ذلك أن الخلايا العصوية (المسئولة عن الرؤية الليلية ) تتركز على أطراف الشبكية , بينما لا نجد هذه الخلايا في مركز الشبكية .

كيف نستفيد من هذه المعلومة في تحسين الرؤية الليلية لدينا؟

تفيد هذه المعلومة في أن علينا في الظلة أن نحاول الإبصار بأطراف العين , أي بأطراف الشبكية و ليس بمركزها  و يتم ذلك بأن لا نحاول أن نركز  مركز العين و مركز الشبكية على الشيء الذي نريد رؤيته في الليل ( كما نفعل في النهار ) و ذلك أن خلايا مركز الشبكية  لا تستطيع الرؤية في الظلام  بينما أطراف العين و أطراف الشبكية مجهزةٌ بشكلٍ أكبر للرؤية الليلية.

و بالإضافة إلى ذلك فإن حساسية شبكية العين للألوان المختلفة  ليست متساوية , و في التجارب التي أجريت تم وضع عدة أضواء متساوية في النوع و شدة الإضاءة  بألوان مختلفة في الليل و تم الابتعاد عن تلك الأضواء رويداً رويداً لمعرفة ماهي الألوان التي تكون قابلة للرؤية عند المسافات البعيدة أكثر من غيرها , وقد دلت تلك التجارب أن الأضواء الخضراء و البنفسجية و الزرقاء  هي الأكثر قابليةً للرؤية من مسافاتٍ بعيدة  بينما الأضواء الحمراء و البرتقالية و الصفراء هي الأقل قابليةً للرؤية  .

و لهذا السبب فإن أضواء الإشارة التي توضع لمنع الاصطدام على الطائرات و السفن و المنارات يجب أن تكون باللون الأخضر أو الأزرق  أو باللون الأبيض  .

مع ضرورة الانتباه إلى أن   الخلايا العصوية  (المسئولة عن الرؤية الليلية) هي التي تتولى رؤية تلك الأضواء إذا كانت أضواءً خافتة , أما إذا كانت أضواءً  شديدة فإن الخلايا المخروطية (المسئولة عن الرؤية الليلية) هي التي ستتولى رؤيتها.

علماً أن الخلايا العصوية لا تستطيع إدراك الألوان و ذلك بخلاف الخلايا المخروطية التي  تدرك الألوان , ولذلك فإننا لا نتمكن من إدراك الألوان مالم تصبح شدة الإضاءة كافية لعمل الخلايا المخروطية .

و يلعب حجم الشيء المراد تتبعه  دوراً هاماً في الرؤية الليلية  و النهارية و لهذا السبب يتم تدريب الطيارين عند مطاردة طائرات العدو أن لا يطيروا على ارتفاعٍ واحد  خلف الطائرة المعادية بل أن يطيروا أسفل أو أعلى تلك الطائرة  لأن الطيار إذا طارد الطائرة المعادية و هو يطير على ذات ارتفاعها فان يرى إلا مؤخرة تلك الطائرة , بينما إذا طار أعلى أو أسفل منها فإنه سيرى سطحها كاملاً و بالتالي فإنه سيتمكن من إصابتها بشكل أكثر سهولة .

و كذلك الحال عند مطاردة السفن الحربية  حيث يتوجب أن لا تتم مطاردتها من ورائها مباشرة بل يجب أن تتم المطاردة من الجانب بحيث ينكشف جانبها فتصبح إصابتها أكثر سهولة.

عندما ننتقل من مكانٍ شديد الاضاءة إلى مكانٍ مظلم  فإن بؤبؤ العين  يتوسع ليسمح لأكبر كميةٍ من الضوء بالوصول إلى شبكية العين , و هنالك عوامل تساعد على سرعة تكيف العين مع الظلمة  مثل الإضاءة الحمراء اللون ولهذا السبب يجب أن تكون إضاءة مهاجع الجنود الذين يقومون بمهام ليلية حمراء اللون حتى تتكيف أعينهم بسهولة مع الظلام .

و هنالك حيلة قديمة اعتاد على استخدامها قباطنة السفن أثناء قيادة سفنهم في الليل حيث كانوا يضطرون دائماً إلى نقل بصرهم ما بين البحر المظلم و بين الخرائط و الأجهزة المضاءة  ولذلك فإنهم  قبيل مغادرة غرفة القيادة المظلمة كانوا  يغطون إحدى عينيهم بحجابٍ أسود اللون  (كذلك الذي يضعه القراصنة) بحيث تبقى تلك العين معتادةً على الرؤية الليلية و بعد ذلك كانوا يقومون بدراسة الخرائط تحت الضوء دون أن يؤثر ذلك على تكيفهم على الرؤية الليلية و بمجرد عودتهم لقيادة السفينة في الظلام كانوا ينزعون الحجاب الأسود عن العين الأخرى التي لم تفقد تأقلمها مع الرؤية الليلية.

 تحتوي الخلايا البصرية العصوية  (التي تتولى مهمة الرؤية الليلية ) على مركب  الرودوبسين  rhodopsin  و الذي يدعى كذلك باسم الأرجوان البصري   visual purple  و هذا المركب يتحلل تحت تأثير الإضاءة الشديدة ولذلك فإنه يختفي في النهار  و يلعب الفيتامين A دوراً هاماً في تكوين هذا المركب و بالتالي زيادة مقدرة الشخص على الرؤية الليليةnight-vision .

يدعى  الأرجون البصري كذلك بتسمية الأرجوان الشبكي retinal purple  وهو عبارة عن صباغ متبدل بالضوء  photopigment  , وهذا الصباغ موجود في العصيات الشبكية  retinal rod  عند الكائنات الفقارية vertebrates  , وهذا المركب يتفكك بالضوء متحولاً إللى ريتينين  retinene .

إن صبغة  الأرجوان الشبكي أو الرودوبسين  هي صبغةٌ حساسة للضوء Light-sensitive  تتوضع في الخلايا العصوية  rod cells  في شبكية العين retina  و هذا يعني بأن  عملية الإبصار الليلي هي شكلٌ من أشكال التركيب الضوئي photosynthesis , ذلك أن عملية التركيب الضوئي هي عملية ضوئية كيميائية  photochemical  ,  و توصف الخلايا العصوية التي تحوي على صبغة الأرجوان الشبكي  بالخلايا المستقبلة الضوئية photoreceptor cells  .

كما ذكرت سابقاً فإن صبغة  الأرجوان الشبكي تتفكك في الضوء , و عندما يتفكك كل ما يتوفر من مخزون هذه الصبغة فإن إعادة إنتاجها تتطلب  مدة نصف ساعة  و يمكن القول بأن هذا هو أحد أهم أسباب تأخر تأقلم العين مع الظلمة بعد تعرضها للضوء الشديد لفترةٍ طويلة.

تمييز الألوان :

الضوء عبارة عن موجات كهرومغناطيسية  , و يتراوح طول موجة الضوء ما بين  400 و  760 ميلي ميكرون (كلما قصر طول الموجة ازداد ترددها ) .

الميلي ميكرون : جزء من المليون من الميليمتر.

طول الموجة  Wave-length  : إذا مثلنا الإشارة على شكل خطٍ منحني يصعد و يهبط  فوق خطٍ  بياني مستقيم فإن طول الموجة هو البعد بين كل نقطتين يشكلهما هذا الخط المتعرج عند تقاطعه مع الخط البياني المستقيم  , و هذا الخط المتعرج كلما تقاطع مع الخط البياني المستقيم فإنه يشكل  قبة أو نصف دائرة  و البعد بين نقطتي التقاء الخط المتعرج مع الخط البياني المستقيم  هو طول الموجة , فكلما ازداد البعد بين نقطتي تقاطع الخط المتعرج مع الخط البياني المستقيم ازداد طول الموجة و العكس صحيح.

 سعة الموجة : هي البعد بين الخط البياني المستقيم و بين أعلى نقطة في الخط المتعرج  الذي يشكل أثناء تقاطعه مع الخط المستقيم قباباً أو أنصاف دوائر , و يمكن القول كذلك بأن  سعة الموجة هي ارتفاع تلك القبة أو ارتفاع نصف الدائرة في ذلك الخط البياني.

طول الموجة ثابتٌ لا يتغير أما  سعة الموجة فإنها تتغير تبعاً لشدة الإضاءة .

 كلما ازدادت شدة الضوء ازداد سعة الموجة و كلما قلت شدة الضوء انخفضت سعة الموجة   بينما طول الموجة دائماً ثابتٌ لا يتغير.

خصائص اللون :

درجة اللون  hue: درجة اللون هي نوعية الضوء التي  يحددها طول الموجة السائدة أو المسيطرة dominant wavelength  .

اللون الأسود يمتص جميع الموجات الضوئية ولا يعكس شيئاً منها , بينما اللون الأبيض يعكس جميع الموجات الضوئية ولا يمتص منها شيئاً.

يمكن تغيير لون الشيء المرئي بتغيير لون الضوء المنعكس عنه فإذا سلطت ضوءاً أحمر على العشب الأسود فإنه لن يبدو لك أحمر اللون بل سيبدو أسود اللون وذلك لأن العشب الأخضر لا يعكس اللون الأحمر بل يمتصه و إذا سلطنا ضوءاً أحمر و ضوءاً أصفر على شيءٍ أبيض فإنه سيبدو لنا برتقالي اللون و إذا نظرنا إلى ذلك  الشيءٍ البرتقالي من خلال زجاجٍ أحمر فإن ذلك الشيء سيبدو لنا أحمر اللون    ذلك أن الزجاج الأحمر يمتص اللون الأصفر  , و إذا نظرنا إلى ذلك الشيء البرتقالي من خلال زجاجٍ أزرق بدا ذلك الشيء أسود اللون لأن الزجاج الأسود لا يسمح للونين الأصفر و الأحمر بالنفاذ من خلاله.

تألق اللون – لمعان اللون brilliance:

لا يتوقف تألق اللون على شدة إضاءته و حسب , بل إن ذلك يتوقف كذلك على خلفية ذلك الشيء فالشيء المتوسط التألق يبدو شديد التألق إذا كانت خلفيته  سوداء قاتمة , و يبدوا الشيء الشديد التألق متوسط التألق إذا كانت خلفيته بيضاء كما يبدو الشيء المتوسط البياض  شديد البياض أذا كانت خلفيته سوداء قاتمة , كما يبدو قاتماً إذا كانت خلفيته بيضاء .

لسلم اللمعان هنالك ثلاث درجات وهي : الأبيض و الرمادي و الأسود .

تشبع اللون – إشباع اللون   saturation:

يشير مصطلح إشباع اللون إلى قوة و نقاء اللون , و التشبع سمةٌ تنفرد بها ألوان الطيف الشمسي و كل لونٍ يشابه طول موجاته موجات الطيف الشمسي .

عندما تمتزج عدة ألوانٍ مع بعضها البعض فإن اللون الناتج يكون دائماً أقل إشباعاً من الألوان الداخلة في تركيبه .

يقل إشباع اللون الناتج عن عملية المزج  كلما زاد الاختلاف بين أطوال موجات الألوان الداخلة في تركيبه .

يتم تغيير درجة تشبع أي لونٍ بإضافة اللون الرمادي إلى ذلك اللون.

الصورة اللاحقة after image :

يقصد بالصورة اللاحقة أن صورة المؤثر تبقى أمام العين لبرهةً من الزمن بعد زوال ذلك المؤثر , و تدعى الصورة التي نراها بعد زوال الشيء المرئي ذاته بالصورة اللاحقة الإيجابية

Positive after image  و بعد زوال الصورة اللاحقة الإيجابية تحل محلها الصورة اللاحقة السلبية Negative after image  و قد دعيت بهذا الاسم لأن لونها يكون مكملاًً للون الشيء المرئي .

استفاد الجنرال روميل  من خاصية الصورة اللاحقة أثناء حربه مع  الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية في ليبيا حيث كان يشن هجماته على الحلفاء من جهة الغرب أثناء غروب الشمس , كما كان يشن هجماته عليهم من جهة الشرق أثناء شروق الشمس.

تباين الألوان :

يؤثر لون الخلفية على لون الشيء المنظور الموضوع عليها وذلك بأنها تجعل لون الشيء يميل إلى اللون المكمل له  فإذا وضعنا شيئا أحمر اللون مثلاً على خلفيةٍ زرقاء فإنه سيبدو لنا مائلاً إلى الزرقة.

عمى الألوان achromatopsia :

عمى الألوان مرضٌ وراثي  غالباً ما يصيب الذكور , وهذا المرض ينتقل بطريقة غريبة  ذلك أن مورثات هذا الداء لا تنتقل من الأب إلى أبنائه الذكور و إنما تنتقل من الأب المصاب إلى بناته , و لكن هذا الداء  لا يصيبهن و إنما ينتقل عن طريقهن إلى أبنائهن الذكور .

خطورة الظل :

يعتبر الظل من أخطر العوامل التي تكشف الأهداف العسكرية للعدو و الطيارين و لذلك يتوجب الانتباه جيداً إلى هذه الناحية فمهما أخفى الجندي نفسه فإنه لا يستفيد إذا كان ظله ظل رجل و كذلك الحال بالنسبة للآليات و المعدات الحربية , و دائماً على الجندي أن ينتبه إلى ظله و ظل آلياته و أن يحاول دائماً تشويه هذا الظل حتى يبدوا بأنه ظل شجرة أو صخرة أو ما شابه ذلك.

كما يساعد تشييد المستودعات العسكرية و الخيام بحيث تكون جدرانها مائلة بمعدل 15 درجة على إخفاء ظلالها في معظم أوقات النهار باستثناء وقتي الصباح المبكر و قبيل الغروب حيث تكون الشمس مائلة في هذين الوقتين , و لهذا السبب فإن طياري الاستطلاع يفضلون القيام بطلعاتهم الاستطلاعية في الصباح المبكر و قبيل الغروب لأن الشمس تكون مائلة في هذين الوقتين وهو الأمر الذي يساعد على كشف الجنود و الآليات من خلال ظلالها.

يتم إخفاء ظلال المستودعات و مهاجع الجنود من خلال تشييدها على شكل مستطيلات  بحيث تكون أضلاعها الطويلة متجهة من الشمال إلى الجنوب بينما تكون أضلاعها القصيرة متجهةً من الشرق إلى الغرب.

علماً أن إحاطة المستودعات و المهاجع بالأشجار تمنع العدو من الاستفادة من عامل الظل في كشف مواقع الجنود .

التظليل المعاكس  counter-shading  :

يعني التظليل المعاكس إخفاء ظل شيءً ما عن طريق تلوينه بصورة معاكسة للصورة الطبيعية.

حاسة السمع:

الصوت أو الموجة الصوتية هي عبارة عن موجات من الضغط و الخلخلة  تنتقل في الهواء و الأجسام الصلبة .

إن العلاقة بين الموجة و تردداتها هي علاقةٌ عكسية بمعنى أنه كلما طالت الموجة  انخفض ترددها و كلما قصرت الموجة  ارتفع ترددها .

كلما ارتفع تردد الموجة الصوتية كان الصوت أكثر حدة و كلما انخفض تردد الموجة الصوتية كان الصوت أكثر غلظة و هذا ما يدعى بطبقة الصوت pitch .

أما ارتفاع الصوت و انخفاضه فإنه يتوقف على شدة الموجة الصوتية.

كيف ندرك الاتجاه الذي يأتي منه الصوت؟

يصل الصوت الذي مصدره الجهة اليسرى إلى الأذن اليسرى قبل أن يصل إلى الأذن اليمنى , وبالمثل فإن الصوت الذي يأتي من الجهة اليمنى يصل إلى الأذن اليمنى قبل أن يصل إلى الأذن اليسرى , و يكون الفارق بين وصول هذين الصوتين إلى الدماغ ضئيلاً جداً , غير أن الدماغ يستطيع  إدراك  ذلك الأمر فإذا وصل الصوت إلى الأذن اليسرى أولاً يدرك الدماغ بأن مصدر هذا الصوت هو الجهة اليمنى , و إذا وصل هذا الصوت إلى الأذن اليسرى أولاً فإن الدماغ يدرك بأن مصدر هذا الصوت هو الجهة اليسرى.

و إذا وصل الصوت إلى كلا الأذنين في وقتٍ واحد أدرك الدماغ بأن مصدر الصوت يقع في منطقة متوسطة .

و قبل اختراع الرادار كان الجنود يعتمدون في تحديد مواقع الطائرات على جهاز يدعى بالآذان الصناعية و هذا الجهاز عبارة عن ثلاثة آذان صناعية كبيرة بعيدة عن بعضها البعض و متصلة بأذني الجندي .

فيما يختص بالصوت و الاتصالات العسكرية و اتصالات الطيارين يتوجب دائماً تحذير الجنود و الطيارين من استخدام الكلمات و العبارات التي يمكن أن يساء سمعها أو أن يساء فهمها و يتوجب دائماً  استخدام عبارات واضحة لا لبس فيها .

حجب الأصوات المرتفعة للأصوات المنخفضة:

تحجب الأصوات المرتفعة الأصوات الخافتة عن السمع و تمتلك الأصوات المرتفعة  ذات الترددات المتدنية فاعليةً  في حجب الأصوات ذات الترددات المرتفعة تفوق فاعلية الأصوات المرتفعة  ذات الترددات المرتفعة في حجب الأصوات ذات الترددات المنخفضة .

مثال على الأصوات المرتفعة ذات الترددات المنخفضة : صوت محركات الدبابات و الطائرات.

يؤدي تلف قاعدة الأذن cochlea إلى فقدان المقدرة على سماع الأصوات الحادة (الأصوات ذات الترددات المرتفعة) , بينما يؤدي تلف قمة قوقعة الأذن إلى فقدان المقدرة على سماع الأصوات الغليظة ( أي الأصوات ذات الترددات المنخفضة).

يتوقف فهم الكلمة على تمييز حروفها الساكنة أكثر مما يتوقف على تمييز حروفها الصوتية و بما أن الحروف الساكنة أضعف من الحروف الصوتية فيتوجب علينا  دائماً عند إعطاء الأوامر و نقل المعلومات  التركيز على استخدام الكلمات التي تحوي أقل قدرٍ من الأحرف الصوتية .

الكلمات الطويلة تكون أسهل تمييزاً من الكلمات القصيرة .

تؤدي الأحرف الصوتية أحياناً إلى حجب الأحرف الساكنة ولو بشكل جزئي و لذلك كلما قل عدد الأحرف الصوتية في الكلمة كان ذلك أفضل.

التوازن :

تتكون الأذن الداخلية من القوقعة و الدهليز و القنوات الهلالية و القوقعة هي العضو الخاص بالسمع , أما الدهليز و القنوات الهلالية  فلا علاقة لها بالسمع  .

يتألف الدهليز من   القريبة utricle  و الكييس saccule .

لا يشعر الإنسان بالإحساسات التي تتولد داخل أعضاء التوازن الموجودة في الأذن الداخلية حيث يتم التفاعل مع تلك الإحساسات بطريقة لا شعورية عن طريق قيام الجسد بالأفعال التي تحفظ  اتزانه .

تحتوي كلٌ من القريبة و الكييس على  جسيمات حصوية تدعى   بغبار التوازن otolith  \statoconia  و هذه الجسيمات الحصوية توجد على الأطراف العليا لخلايا شعرية .

عندما يتحرك الإنسان فإن  الجسيمات الحصوية تتحرك إلى الاتجاه المعاكس بتأثير  العطالة  أو القصور الذاتي inertia   , فتستشعر الخلايا الشعرية هذه الحركة  و ترسل الإشارات العصبية

التي تعبر عن طبيعة تلك التحركات .

تحوي الأذن ثلاث قنواتٍ هلالية تكون مملوءةً  بسائلٍ يدعى بالسائل اللمفي الداخلي endolymph  , وعند كل طرفٍ من طرفي القناة الهلالية هنالك انتفاخ يحوي خلايا شعرية منغمسة في مادة هلامية تسمى ” العرف السمعي crista acustica” الذي يتحرك متأثراً بحركة السائل اللمفي الموجود في القناة الهلالية و بدورها فإن الخلايا الشعرية تستشعر تلك الحركة فترسل الإشارات العصبية المناسبة   , فإذا جلس الطيار  على  ” كرسي باراني ” الدوار  الذي يستخدم في اختبار حساسية القنوات الهلالية عند الطيارين فإن السائل الليمفي الموجود داخل القنوات الهلالية يتحرك بشكلٍ معاكس لجهة دوران الكرسي و ذلك بتأثير  ظاهرة العطالة أو ” القصور الذاتي” .

و عند تلف الأذن الداخلية  تختل مقدرة الشخص على السير في الظلام أو الغوص تحت الماء , لأن الأذن الداخلية هي التي تمنحنا إحساساً بالحركة و إحساساً بموقعنا دون الاستعانة بحاسة البصر أو حاسة اللمس.

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ